للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا ليس بصحيح عندي بوجهين:

الأول: أن الميت لم يغسل ولم يكفن بعد، وسيأتي بيانهما مفصلًا في الأبواب الآتية، فيكون ذكر المشي خلفه في غير محله.

والثاني: لأن باب فضل اتباع الجنائز سيأتي في محله بعد الغسل والتكفين وغيرهما، فالأوجه عند هذا العبد الضعيف أن غرض الترجمة ههنا الاهتمام والإسراع في تجهيز الميت، فالأمر بالاتباع محمول على السعي لأجله كما يقال: الجيش يتبع السلطان، وعلى هذا المعنى حمل القسطلاني حديث الباب لكونه مخالفًا لمسلكه إذ قال (١): قالت الشافعية: حديث الباب محمول على الأخذ في طريقها، والسعي لأجلها، انتهى.

فكأن الإمام البخاري أشار كدأبه بالترجمة إلى ما ذكره أبو داود في "باب تعجيل الجنازة" من حديث طلحة بن البراء بلفظ (٢): "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجّلوا فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله"، الحديث.

[(٣ - باب الدخول على الميت. . .) إلخ]

قال الحافظ (٣): قال ابن رُشيد: لما كان الموت سبب تغيير محاسن الحي كان ذلك مظنة للمنع من كشفه حتى قال النخعي: ينبغي أن لا يطلع عليه إلا الغاسل له ومن يليه، فترجم ردًا على قوله، وأشار إلى جوازه، انتهى.

قال العيني (٤): الاستدلال من الحديث بقوله: "مسجى" فإن كشفه بعد التسجية كالكشف بعد التكفين، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (٣/ ٣٤٢).
(٢) "سنن أبي داود" (٢١٥٩).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ١١٤).
(٤) "عمدة القاري" (٦/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>