للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب المذكور إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - قالها للتبرك لا للاستثناء، وهو خلاف الظاهر.

وقال الحافظ (١) تحت الحديث الثاني من حديثي الباب: قد جزم جماعة أن سليمان - عليه السلام - كان قد حلف كما سأبينه، والحق أن مراد البخاري من إيراد قصة سليمان في هذا الباب أن يبين أن الاستثناء في اليمين يقع بصيغة "إن شاء الله"، فذكر حديث أبي موسى المصرح بذكرها مع اليمين، ثم ذكر قصة سليمان لمجيء قوله - صلى الله عليه وسلم - فيها تارة بلفظ: "لو قال: إن شاء الله"، وتارة بلفظ: "لو استثنى" فأطلق على لفظ إن شاء الله أنه استثناء، فلا يعترض عليه بأنه ليس في قصة سليمان يمين، انتهى.

[(١٠ - باب الكفارة قبل الحنث وبعده)]

قال العلامة السندي (٢) في مطابقة الحديث بالترجمة: وفيه ذكر قوله: "إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" كأنّه أخذ من الواو الإطلاق؛ لأنه لمطلق الجمع، فالأصل الجواز كيف ما كان مقدمًا على الحنث أو مؤخرًا، ومن يدعي أحدهما فعليه البيان، والله تعالى أعلم، انتهى.

قال العلامة القسطلاني (٣): اعلم أن للكفارة ثلاث حالات: إحداها: قبل الحلف فلا تجزئ اتفاقًا، ثانيتها: بعد الحلف والحنث فتجزئ اتفاقًا، ثالثتها: بعد الحلف وقبل الحنث فاختلف فيها، فقال مالك وسائر فقهاء الأمصار إلا أبا حنيفة: تجزئ قبله، لكن استثنى الشافعي الصيام، فقال: لا يجزئ إلا بعد الحنث؛ لأن الصيام من حقوق الأبدان، ولا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة، بخلاف العتق والكسوة والإطعام فإنها من حقوق الأموال فيجوز تقديمها كالزكاة، والخلاف كما قال القاضي عياض مبني على أن الكفارة لحل اليمين أو لتكفير مأثمها بالحنث، فعند الجمهور أنها


(١) "فتح الباري" (١١/ ٦٠٦).
(٢) "صحيح البخاري بحاشية السندي" (٤/ ١٦٢).
(٣) "إرشاد الساري" (١٤/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>