للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فاظفر بذات الدين" يرجح اعتبار الدين على النسب، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا خير من ملء الأرض مثل هذا" أشار إلى أن الدين هو المرجح القابل المزيد الاعتناء، فالمتدين أفضل من غيره وإن كان أدون منه في النسب والمال، وإذا كان خيرًا منه كان الإنكاح منه أفضل فعلم بذلك أن الأحق بالاعتناء في الكفاءة هو الدين، انتهى.

[(١٦ - باب الأكفاء في المال)]

بسط الكلام على المسألة في هامش "اللامع" (١) فارجع إليه لو شئت التفصيل.

وقال القسطلاني (٢): واختلف فيه والأشهر عند الشافعية أنه لا أثر له في الكفاءة، فالمعسر كفء للموسرة لأن المال غاد ورائح ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر، نعم لو زوج الولي بالإجبار موليته معسرًا بغير رضاها بمهر المثل لم يصح النكاح؛ لأنه بخس حقها كتزويجها بغير كفء، نقله في "الروضة" عن فتاوى القاضي، ومنعه البلقيني، وقال الزركشي: هو مبني على اعتبار اليسار مع أنه نقل عن عامة الأصحاب عدم اعتباره، انتهى.

ونقل صاحب "الإفصاح" فيما حكاه في "الفتح" عن الشافعي أنه قال: الكفاءة في الدين والمال والنسب، وجزم باعتباره أبو الطيب والصيمري وجماعة، واعتبره الماوردي في أهل الأمصار وخص الخلاف بأهل البوادي والقرى المتفاخرين بالنسب دون المال، انتهى.

وقد تقدم في الباب السابق تفصيل الخلاف في الأوصاف التي تعتبر في الكفاءة، ثم إنهم اختلفوا أن الكفاءة من حق العباد، والأوجه عندي أنها في الدين من حق الله، وفي البواقي من حق العبد يسقط بالرضا.


(١) "لامع الدراري" (٩/ ٢٦٥).
(٢) "إرشاد الساري" (١١/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>