للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرنين، فهذا لا يرجع إلى معنى صحيح، وليس له وجه وجيه عندنا إلا أن يكون سوى بها تمهيدًا لذكر ذي القرنين، وهذا كما ترى، ولعل أمثال تلك السقطات وقعت من النساخ، انتهى.

(باب قول الله - عز وجل -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: ٨٣])

قال العلَّامة العيني (١): وذو القرنين المذكور في القرآن المذكور في ألسنة الناس بالإسكندر ليس الإسكندر اليوناني، فإنه مشرك، ووزيره أرسطاطاليس، والإسكندر المؤمن الذي ذكره الله في القرآن اسمه عبد الله بن الضحاك، قاله ابن عباس، وقيل: مصعب بن عبد الله إلى آخر ما ذكر في نسبه، وقد جاء في حديث أنه من حمير، وأمه رومية، وأنه كان يقال له: ابن الفيلسوف لعقله، قال مقاتل: هو من حمير، ووفد أبوه إلى الروم، فتزوج امرأة من غسَّان، فولدت له ذا القرنين عبدًا صالحًا، وقال وهب بن منبِّه: اسمه الإسكندر.

قلت: ومن هنا يشارك الإسكندر اليوناني في الاسم، وكثير من الناس يخطئون في هذا، ويزعمون أن الإسكندر المذكور في القرآن هو هذا، وهذا زعم فاسد؛ لأن الإسكندر اليوناني الذي بنى الإسكندرية كافر مشرك، وذو القرنين عبد صالح ملك الأرض شرقًا وغربًا، حتى ذهب جماعة إلى نبوته، منهم الضحاك وعبد الله بن عمر، وقيل: كان رسولًا، ووزيره الخضر - عليه السلام -.

واختلفوا في زمانه، فقيل: في القرن الأول، من ولد يافث بن نوح عليه الصلاة والسلام، وأنه ولد بأرض الروم، وقيل: كان بعد نمرود لعنه الله، وقيل: كان في الفترة بين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وقيل: في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، والأصح أنه


(١) "عمدة القاري" (١١/ ٤٢ - ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>