للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انقطاعًا بين الصفوف أو إضرارًا بالمارة، حتى إنه تجوز الصلاة بينها إذا لم يكن شيء من هذين فأثبت الجواز بالباب الآتي، انتهى.

قال ابن بطال (١): لما تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إلى الحربة كانت الصلاة إلى الأسطوانة أولى؛ لأنها أشد سترة، وحكى الحافظ عن الرافعي أنه أشار بذلك إلى أن الأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية، انتهى.

ولا يبعد عندي أنه أشار بالترجمة إلى استحباب السترة في المساجد والبيوت أيضًا خلافًا لما يتوهم من كلام عامة الفقهاء تخصيص ذلك بالصحراء كما بسط في هامش "اللامع".

[(٩٦ - باب الصلاة بين السواري. . .) إلخ]

تقدم بعض ما يتعلق بهذا الباب من كلام الشيخ في الباب السابق ولا يبعد عندي في غرض الترجمة: أن أثر ابن عمر المتقدم لما كان يوهم عدم جواز الصلاة بين الأسطوانتين حتى أدناه إلى سارية دفعه بذلك، وقيَّده بغير جماعة إشارةً إلى الاختلاف في ذلك.

واختلف العلماء في هذه المسألة وعلَّة النهي بعد اتفاقهم أنه جائز عند الضيق، ففي هامشي على "البذل" (٢) قال صاحب "المنهل": كراهيته مطلقًا للمنفرد والجماعة عند المالكية، وعن أحمد كراهته للمأمومين لا لغيرهم، وعن الكوفيين الإباحة مطلقًا، وعن الشافعي كراهته للمنفرد دون الجماعة، انتهى.

قلت: مذهب الإمام أبي حنيفة أنه يجوز للمنفرد والجماعة، ويكره للإمام، وأما وجوه النهي فقال ابن العربي: وذلك إما لانقطاع الصفوف أو لأنه موضع صلاة الجن المؤمنين أو لأنه موضع جمع النعال، انتهى.

أو لأنه محل الشياطين كما قال الدردير أو الإضرار بالمارة كما تقدم


(١) انظر: "شرح ابن بطال" (١/ ١٣٣).
(٢) انظر: "بذل المجهود" (٣/ ٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>