للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٨ - باب هل ينبش قبور مشركي الجاهلية. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع" (١): وجه الاستدلال عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود. . ." إلخ، إنهم لعنوا لارتكابهم ذلك لما فيه من التشبه بعبدة الأوثان، فوجب تسوية القبر لجواز الصلاة في هذا المكان لارتفاع وجه المشابهة، غير أن التسوية تحصل بوجهين: إما بنبش القبر وإخراج عظام الميت من هذا الموضع، أو بتسوية القبر حيث لا يبدو للناظر فيلزم الشبه، وإذا كان كذلك وجب في قبور المشركين نبشها أصلًا لكونهم محل الغضب، فلا يناسب إبقاؤهم في المساجد، ولا كذلك في المسلمين فلا يضر بقاء عظامهم تحت أقدام المسلمين، ووجه الكراهة وهو الشبه منتف، فالاستدلال بالرواية يعم الكافر والمؤمن في أن الصلاة تكره على القبور، والتخصيص بالنبش للكفار حاصل بالرواية الآتية، فافهم؛ فإنه مفتقر إلى فضل تفكر، وحاصل الاحتجاج بذلك الآثار الموردة ههنا: أن الصلاة في مثل تلك الأمكنة جائزة مع الكراهة التحريمية، فإن عمر - رضي الله عنه - لم يأمر بالإعادة وإنما أمر بالاتقاء عن القبر، فعلم أن الصلاة في المقبرة جائزة إذا لم يسجد إلى القبر وإن لم تخل عن كراهة، انتهى.

وفي هامشه: اعلم أولًا: أن هذه الترجمة وإثباتها من مشكلات التراجم، وإليه أشار الشيخ بقوله: فافهم؛ فإنه مفتقر إلى فضل تفكر، وقال العيني (٢): لم أر شارحًا ههنا شفى العليل ولا أروى الغليل، انتهى.

وثانيًا أن لفظ "هل" ههنا ليس للاستفهام عند جميع الشرَّاح والمشايخ بل هو بمعنى قد، وعليه بنى الشيخ قُدِّس سرُّه تقريره.

والأوجه عندي: أنه على معناه الأصلي أي: الاستفهام فإنه أصل مطرد من أصول التراجم، وهو الأصل الثاني والثلاثون تقدم فيه أن الإمام البخاري طالما يترجم بهذا اللفظ تنبيهًا على أن للناظرين هناك مجالًا للنظر


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٣٩٥ - ٣٩٧).
(٢) "عمدة القاري" (٣/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>