للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم (١): أرجح هذه الأقوال قولان، تضمَّنتهما الأحاديث الثابتة، وأحدهما أرجح من الآخر، الأول: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة كما في حديث أبي موسى - رضي الله عنه - رواه مسلم (٢)، والقول الثاني: أنها بعد العصر، وهو قول عبد الله بن سلام، وهذا أرجح القولين، إلى آخر ما بسط في "الأوجز".

[(٣٨ - باب إذا نفر الناس عن الإمام. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع" (٣) في قوله: "من بقي": دلالة على أن النافرين لم يعودوا، فكان ردًّا على من ذهب في تعيين أقل عدد الجماعة بأربعين رجلًا، وعندنا تنعقد الجمعة إذا نفروا بعد الشروع فيها ولو كلهم، وأما قبل الشروع فلا بدّ أن يبقى اثنان سوى الإمام، انتهى.

وفي هامشه: قال الحافظ (٤): ظاهر الترجمة أن استمرار الجماعة الذي تنعقد بهم الجمعة إلى تمامها ليس بشرط في صحتها، بل يشترط أن تبقى منهم بقية ما، ولم يتعرض البخاري لعدد من تقوم بهم الجمعة؛ لأنه لم يثبت منه شيء على شرطه، وجملة ما للعلماء فيه خمسة عشر قولًا بُسطت في هامش "اللامع"، فعند أبي حنيفة ثلاثة مع الإمام، وعند صاحبيه الاثنان معه، وعند الشافعي أربعون بالإمام، وعند أحمد في المشهور عنه خمسون رجلًا، وعند مالك اثنا عشر غير الإمام، كما قال الدردير (٥).

وفي "تراجم شيخ المشايخ" (٦): قد فسر قولَه: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} جمهور المفسرين لقيامه في الخطبة، فمناسبة الحديث بالترجمة باعتبار أن خطبة الجمعة لها حكم الصلاة، فلما أتم - عليه السلام - خطبته مع خروجهم من المسجد كان هذا حكم الصلاة أيضًا، وأما إذا فسر لقيامه في الصلاة فلا إشكال،


(١) "زاد المعاد" (١/ ٣٨٩).
(٢) "صحيح مسلم" (٨٥٣).
(٣) "لامع الدراري" (٤/ ٨٠ - ٨٣).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ٤٢٢).
(٥) انظر: "شرح الكبير" (١/ ٥٩٨).
(٦) (ص ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>