للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيراط" لكن لا يلزم من عدم معرفتهم لهما - أي: للقيراط بالمعنيين الذي هما الموضع وكونها من النقود - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف ذلك، انتهى.

قلت: ولعل المصنف أشار بهذه الترجمة إلى فضيلة هذا العمل لكونه فعل جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وقال القسطلاني (١): والحكمة في إلهامهم صلوات الله وسلامه عليهم رعي الغنم قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها زيادة الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على مشقة الرعي ودفعوا عنها السباع الضارية والأيدي الخاطفة وعلموا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها وعرفوا ضعفها واحتياجها إلى النقل من مرعى إلى مرعى ومن مسرح إلى مراح فرفقوا بضعيفها وأحسنوا تعاهدها فهو توطئة لتعريفهم سياسة أممهم، وخص الغنم لأنها أضعف من غيرها، وفي ذكره - صلى الله عليه وسلم - لذلك بعد أن علم أنه أشرف خلق الله ما فيه من التواضع والتصريح بمنته عليه، انتهى.

[(٣ - باب استئجار المشركين عند الضرورة)]

قال الحافظ (٢): هذه الترجمة مشعرة بأن المصنف يرى بامتناع استئجار المشرك حربيًّا كان أو ذميًّا إلا عند الاحتياج إلى ذلك كتعذر وجود مسلم يكفي في ذلك؛ وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب قال: "لم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - عمال يعملون بها نخل خيبر وزرعها، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر فدفعها إليهم" الحديث، وفي استشهاده بقصة معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر على أن يزرعوها وباستئجاره الدليل المشرك لما هاجر على ذلك نظر؛ لأنه ليس فيهما تصريح بالمقصود من منع استئجارهم وكأنه أخذ ذلك من هذين الحديثين مضمومًا إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لا نستعين بمشرك"


(١) "إرشاد الساري" (٥/ ٢٥٠).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>