للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١ - باب فضل الجهاد والسير. . .) إلخ]

السير بكسر السين جمع السيرة وهي الطريقة، وترجموه بها لأن الأحكام المذكورة فيه متلقاة من سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزواته، كذا قال الكرماني (١)، وتبعه الحافظ (٢).

قال ابن عابدين (٣): هذا الكتاب يعبر بالسير والجهاد والمغازي، فالسير جمع سيرة وهي فعلة بكسر الفاء من السير، فتكون لبيان هيئة السير وحالته، إلا أنها غلبت في لسان الشرع على أمور المغازي وما يتعلق بها كالمناسك على أمور الحج، انتهى.

قال الشيخ ابن عابدين (٤): وفضل الجهاد عظيم، كيف وحاصله بذل أعز المحبوبات وهو النفس، وإدخال أعظم المشقات عليه تقربًا بذلك إلى الله تعالى، وأشق منه قصر النفس على الطاعات على الدوام، ومجانبة هواها، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - وقد رجع من غزاة: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" ويدل عليه أنه - صلى الله عليه وسلم - أخَّره في الفضيلة عن الصلاة على وقتها في حديث ابن مسعود، أي: المذكور في البخاري قريبًا، ولا تردد في أن المواظبة على أداء فرائض الصلاة في أوقاتها أفضل من الجهاد؛ لأنها فرض عين، ولأن الجهاد ليس إلا للإيمان وإقامة الصلاة، فكان حسنًا لغيره والصلاة حسنة لعينها وهي المقصودة منه، انتهى.

قال الخرقي (٥): قال أبو عبد الله: لا أعلم شيئًا من العمل بعد الفرائض أفضل من الجهاد، وقال صاحب "الفيض" (٦): إن شغل العلم أفضل الأشغال عند أبي حنيفة ومالك، وعند أحمد الجهاد أفضلها، كذا في "منهاج السُّنَّة" لابن تيمية، وفي "كتاب السفاريني" عن أحمد رواية نحو


(١) "الكرماني" (١٢/ ٩٢).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٤).
(٣) "رد المحتار" (٦/ ١٩٣).
(٤) "رد المحتار" (٦/ ١٩٥).
(٥) انظر: "المغني" (١٣/ ١٠).
(٦) "فيض الباري" (٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>