للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١ - باب قول الله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠])

هكذا في النسخة "الهندية"، وعليه علامة النسخة، وليس في شيء من نسخ الشروح الأربعة ولا النسخة المصرية لفظ "باب"، وهو الأظهر؛ لأن المصنف لم يذكر فيه حديثًا.

قال الحافظ (١): وهذه الآية ظاهرة في ترجيح الدعاء على التفويض، وقالت طائفة: الأفضل ترك الدعاء والاستسلام للقضاء، وأجابوا عن الآية بأن آخرها دلّ على أن المراد بالدعاء العبادة لقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: ٦٠]، واستدلوا بحديث النعمان بن بشير مرفوعًا: "الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} الآية" أخرجه الأربعة والحاكم، وأجاب الجمهور أن الدعاء من أعظم العبادة، فهو كالحديث الآخر: "الحج عرفة" أي: معظم الحج وركنه الأكبر، إلى آخر ما ذكر الحافظ من الروايات الواردة في ذلك.

ثم قال الحافظ (٢): وحكى القشيري في "الرسالة" الخلاف في المسألة فقال: اختلف أيّ الأمرين أولى: الدعاء أو السكوت والرضا؟ فقيل: الدعاء، وهو الذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة لما فيه من إظهار الخضوع والافتقار، وقيل: السكوت والرضا أولى لما في التسليم من الفضل، ويصح أن يقال: ما كان لله أو للمسلمين فيه نصيب فالدعاء أفضل، وما كان للنفس فيه حظ فالسكوت أفضل، وعبّر ابن بطال (٣) عن هذا القول لما حكاه بقوله: يستحب أن يدعو لغيره ويترك لنفسه، إلى آخر ما ذكر الحافظ.

وقال القاري (٤): قال النووي: أجمع أهل الفتاوى في الأمصار في جميع الأعصار على استحباب الدعاء، وذهب طائفة من الزهاد وأهل


(١) "فتح الباري" (١١/ ٩٤).
(٢) "فتح الباري" (١١/ ٩٥).
(٣) "شرح ابن بطال" (١٠/ ٧٢).
(٤) "مرقاة المفاتيح" (٥/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>