للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه بالطريق، وبهذا صدر ابن شاش من المالكية كلامه، وحكى صاحب "الهداية" من الحنفية مثله، الرابع: أنه ركن في الإحرام، حكي ذلك عن الثوري وأهل الظاهر وغيرهم، انتهى مختصرًا من هامش "اللامع".

ثم معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم - عليه السلام - حين أذَّن بالناس في الحج، فقد روي عن ابن عباس أنه قال: "لما فرغ إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام من بناء البيت قيل له: أذن في الناس بالحج، قال: رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون"، وفي رواية عنه أيضًا وفيه: "فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ"، وقال ابن المنيِّر: وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه - سبحانه وتعالى -، كذا في "الفتح" (١) مختصرًا.

[(٢٧ - باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال)]

الظاهر عندي: أن الإمام البخاري أشار به إلى أن المندوب أن يشتغل بهذه الأوراد قبل الإحرام، فإن بعده يشتغل بالتلبية غالبًا.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): فيه إشارة إلى إتيان أدعية كل الأوقات والأحوال حسب ما وردت في الآثار، فيأتي بدعوة الركوب على الدابة أولًا، ثم يلبّي، وكذلك في أدعية الصباح والمساء، انتهى مختصرًا.

وما أفاده الشيخ أوجه وأوضح وإليه ميل الحافظ، ثم قال الحافظ (٣): قيل: أراد المصنف الرد على من زعم أنه يكتفى بالتسبيح وغيره عن التلبية،


(١) "فتح الباري" (٣/ ٤٠٩).
(٢) "لامع الدراري" (٥/ ١٤٠).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>