للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وفي "مختصر الخليل": كره أن يقال: طواف الزيارة، أو زرنا قبره - صلى الله عليه وسلم -، قال الدردير: لأن الزيارة تشعر بالاستغناء، ولعل هذه بالنسبة للأزمنة السالفة، وأما الآن فإنما تستعمل في التعظيم، انتهى، وكذا في "جزء حجة الوداع" (١).

قلت: وأشار الإمام البخاري بهذه الترجمة إلى أفضل أوقات طواف الزيارة، وهو يوم النحر، قال الموفق (٢): ولهذا الطواف وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء، فأما وقت الفضيلة فيوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق، فإن أخره إلى الليل فلا بأس، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخّر طواف الزيارة إلى الليل، وأما وقت الجواز فأوله من نصف الليل من ليلة النحر، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: أوله طلوع الفجر من يوم النحر، وآخره آخر أيام النحر، وهذا مبني على أول وقت الرمي، وأما آخر وقته فاحتج بأنه نسك يفعل في الحج، فكان آخره محدودًا؛ كالوقوف والرمي، والصحيح أن آخر وقته غير محدود، فإنه متى أتى به صح بغير خلاف، وإنما الخلاف في وجوب الدم، فيقول: إنه طاف في ما بعد أيام النحر طوافًا صحيحًا، فلم يلزمه دم، كما لو طاف أيام النحر، فأما الوقوف والرمي فإنهما لما كانا موقتين، كان لهما وقت يفوتان بفواته وليس كذلك الطواف، فإنه متى أتى به صح، انتهى.

وفي "الدر المختار" (٣): الطواف في يوم النحر الأول أفضل، وفي يوم من أيام النحر الثلاثة واجب، فإن أخّره من أيام النحر ولياليها منها كره تحريمًا ووجب دم ترك الواجب، انتهى.

[(١٣٠ - باب إذا رمى بعد ما أمسى. . .) إلخ]

قال الحافظ (٤): ولم يبيِّن الحكم في الترجمة إشارة منه إلى أن الحكم


(١) "جزء حجة الوداع" (ص ٢٠٩).
(٢) "المغني" (٥/ ٣١٢، ٣١٣).
(٣) "الدر المختار" (١/ ١٦٨، ١٦٩).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ٥٦٨، ٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>