للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفوا في معنى هذه العبارة، فقال بعضهم: معناها أنه لم يقل لفظة الوضوء، واكتفى بقوله: عليك، وقيل: بل لم يقل: عليك أيضًا؛ لأنهما معًا جملة واحدة، ونفي المؤلف لفظ الوضوء نفي للفظة "عليك" أيضًا، وأيا ما كان فالحاصل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم ههنا بما علم منه نفي الغسل، وذكر في هامشه الكلام على هذين المعنيين، وفيه أن الأول مختار الكرماني وغيره، والثاني مختار الحافظ (١).

(٣٥ - باب الرجل يوضِّئ صاحبه)

الأوجه عندي: أن هذا الباب من قبيل باب في باب كما هو الأصل المعروف من أصول التراجم وهو الأصل السادس، والغرض من هذا الباب نقض الوضوء من الغائط، ولما كانت في الحديث مسألة مهمة وهي مسألة الاستعانة في الوضوء نبَّه عليها بالترجمة.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): يعني بذلك: أن النهي الوارد في الاستعانة فيه وفي غيره من القربات ليس للتحريم، انتهى.

وبسط الكلام في هامشه على اختلاف العلماء في مسألة الاستعانة، وهي على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يستعين في إحضار الماء ولا كراهة فيه، والثاني: أن يستعين في غسل الأعضاء فهذا مكروه إلا لحاجةٍ، والثالث: أن يصب عليه فهذا الأولى تركه، وهل يسمى مكروهًا؟ فيه قولان، إلى آخر ما فيه، ومن أطلق الكراهة حمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على بيان الجواز. وبسط شرَّاح البخاري كلهم لا سيما العلَّامة العيني (٣) في الجواز والكراهة والتفصيل فيهما.


(١) انظر: "شرح الكرماني" (٣/ ١٥)، و"فتح الباري" (١/ ٢٨٥).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ١٤١).
(٣) "عمدة القاري" (٢/ ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>