للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٨ - باب المسح على الخفين)]

قال القاري (١): أخّره عن الوضوء تأخير النائب عن المناب، والمسح هو إصابة اليد المبتلة بالعضو، وشرط مسح الخف ثلاثة أمور: كونه ساتر القدم مع الكعب، وكونه مشغولًا بالرجل ليمنع سراية الحدث، وكونه مما يمكن متابعة المشي المعتاد فيه فرسخًا فأكثر، وعن ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف؛ لأن كل من روي عنهم إنكاره روي إثباته، وصرَّح جمع من الحفاظ بأن أحاديثه متواترة المعنى، وسئل أنس بن مالك عن علامات أهل السُّنَّة فقال: أن تحب الشيخين، ولا تطعن الختنين، وتمسح على الخفين، وروي عن الإمام أبي حنيفة في شرائط أهل السُّنَّة أنه قال: أن تفضل الشيخين، وتحب الختنين، وتمسح على الخفين، وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا أنكره إلا مالكًا في رواية، أنكرها أكثر أصحابه، والروايات الصحيحة عنه مصرَّحة بإثباته، و"موطؤه" يشهد للمسح في الحضر والسفر، وعليها جميع أصحابه، انتهى.

وأثبت الباجي رجوع الإمام إلى المسح في السفر والحضر، واتفقت الأمة كلها على جوازه إلا شرذمة من المبتدعة كالخوارج والشيعة إلى آخر ما في "الأوجز" (٢) وفيه: قيل: إنه من خصائص هذه الأمة، انتهى.

قوله: (سأل عمرَ عن ذلك) كتب الشيخ في "اللامع" (٣): ولعله لم يعتمد على قول سعد، أو قصد مزيد اطمئنان، انتهى.

وقد ورد في الروايات أن سعدًا أمره بذلك، ففي "الموطأ" لمالك (٤): أن ابن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها، فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين، فأنكر ذلك عليه، فقال له سعد: سل أباك إذا قدمت عليه، فقدم عبد الله فنسي أن يسأل عمر عن ذلك حتى قدم


(١) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٢١٢).
(٢) "أوجز المسالك" (١/ ٤٣٦، ٤٣٧).
(٣) "لامع الدراري" (٢/ ١٥٨).
(٤) "موطأ مالك" (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>