للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في ذلك ذكر قول ثالث أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال: دخلت حفصة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيتها فوجدت معه مارية فقال: "لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة، إن أباك يلي هذا الأمر بعد أبي بكر إذا أنا مُت" فذهبت إلى عائشة فأخبرتها فقالت له عائشة ذلك، والتمست منه أن يحرم مارية فحرمها، ثم جاء إلى حفصة فقال: "أمرتك أن لا تخبري عائشة فأخبرتها" فعاتبها [على ذلك] ولم يعاتبها على أمر الخلافة، فلهذا قال الله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: ٣] وأخرج الطبراني في "الأوسط" وفي "عشرة النساء" عن أبي هريرة نحوه بتمامه وفي كل منهما ضعف.

وجاء في سبب غضبه منهن وحلفه أن لا يدخل عليهن شهرًا قصة أخرى، فأخرج ابن سعد من طريق عمرة عن عائشة قالت: أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية فأرسل إلى كل امرأة من نسائه نصيبها فلم ترض زينب بنت جحش بنصيبها فزادها مرة أخرى فلم ترض، فقالت عائشة: لقد أقمئت وجهك ترد عليك الهدية، فقال: "لأنتن أهون على الله من أن تقمئنني لا أدخل عليكن شهرًا".

وفيه قول آخر أخرجه مسلم من حديث جابر، فذكر الحافظ قصة سؤالهن النفقه ثم قال: ويحتمل أن يكون مجموع هذه الأشياء كان سببًا لاعتزالهن وهذا هو اللائق بمكارم أخلاقه صلى الله تعالى عليه وسلم وسعة صدره وكثرة صفحه، وأن ذلك لم يقع منه حتى تكرر موجبه منهن، - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهن، والراجح من الأقوال كلها قصة مارية، إلى آخر ما تقدم في سورة التحريم فارجع إليه لو شئت.

(٨٤ - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا)

قال الحافظ (١): هذا الأصل لم يذكره البخاري في كتاب الصيام، وذكره أبو مسعود في أفراد البخاري من حديث أبي هريرة، وليس كذلك فإن


(١) "فتح الباري" (٩/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>