للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرجح، ويؤيده أن ورثتهن لم يرثن عنهن منازلهن، ولو كانت البيوت ملكًا لهن لانتقلت إلى ورثتهن، ولهذا زيدت بيوتهن في المسجد النبوي بعد موتهن لعموم نفعه للمسلمين كما فعل فيما كان يصرفه لهن من النفقات، وادعى المهلب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حبس عليهن بيوتهن، ثم استدل به على أن من حبس دارًا جاز له أن يسكن منها في موضع، وتعقبه ابن المنيِّر بمنع أصل الدعوى، ثم على التنزل لا يوافق ذلك مذهبه إلا إن صرَّح بالاستثناء، ومن أين له ذلك؟! انتهى مختصرًا.

قلت: ذكر الإمام البخاري في الترجمة آيتين، في إحداهما: نسبة البيوت إلى الأزواج، وفي الأخرى: إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولعله أشار بذلك إلى الاختلاف في ذلك، وقول البخاري في الترجمة: "وما نسب إليهن" لعله إشارة إلى ترجيح ملكهن، وعليه بنى الشيخ قُدِّس سرُّه تقريره، والمسألة خلافية، كما في هامش "اللامع" (١) عن "حاشية الجمل".

[(٥ - باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم -. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): يعني بذلك: أن ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت موته كان حقًا مشتركًا بين المسلمين أجمعين لكونه صدقة إلا أن يكون ملَّكه أحدًا من أصحابه قبل موته، وإذا ثبت فيه اشتراك الكل فيد الصحابي الذي هو عنده يد تولية وحفظ، لا يد استبداد بالتصرف وتملك، انتهى.

وقال الحافظ (٣): الغرض من هذه الترجمة تثبيت أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يورث ولا بيع موجوده، بل ترك بيد من صار إليه للتبرك، ولو كانت ميراثًا لبيعت وقسمت، ولهذا قال بعد ذلك: "مما لم تذكر قسمته" وقوله: "مما تبرك أصحابه" أي: به، وحذفه للعلم به، كذا للأصيلي، ولأبي ذر عن شيخيه "شرك" بالشين من الشركة وهو ظاهر، وأما قول المهلب: إنه إنما ترجم


(١) "اللامع" (٧/ ٢٩٤، ٢٩٥).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>