للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه، فقيل: المراد به العلم إما بالوحي أو بالإلهام أو أنه يرى من عن يمينه ويساره بالتفات يسير، أو كانت له عين خلف ظهره، أو كان بين كتفيه عينان مثل سم الخياط، أو أن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به - صلى الله عليه وسلم - انخرقت له فيه العادة، وهو الصواب المختار.

قلت: وهو الأوجه عندي: وعلى هذا فلا حاجة إلى المحاذات معجزة له - صلى الله عليه وسلم - كما يكون في القيمة في رؤية الباري، وقيل: كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة فيرى أمثلتهم فيها، انتهى ملخصًا من هامش "اللامع" (١).

وعلى هذا المعنى الأخير يناسب هذا الجزء من الترجمة بأبواب المساجد.

[(٤١ - باب هل يقال: مسجد بني فلان)]

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): لما كان المسجد بيت الله تعالى ودار عبادته أوهم ذلك أن نسبته إلى غيره لعله يكون إشراكًا به، ولا أقل من كراهة ذلك وإساءة الأدب فيه دفعه بإيراد الرواية فكان أمرًا ليس فيه بأس، انتهى.

وفي هامشه: وبذلك جزم شيخ المشايخ في "التراجم" (٣) إذ قال: إنما اهتم المصنف بإثبات ذلك؛ لأن كون المساجد مملوكة لله تعالى غير مملوكة لأحد يوهم أنه لا يجوز إضافتها إلى أحد، فلدفع هذا الوهم أثبت أنه يجوز الإضافة لعلاقة ما من البناء أو التولية أو القرب، انتهى.

قلت: أو ترجم بذلك ردًا لما روي عن بعض السلف كراهة ذلك.

قال الحافظ (٤): الجمهور على الجواز، والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي؛ لأنه كان يكره أن يقال: مسجد بني فلان، ومصلى بني فلان لقوله


(١) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٣٨١).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٣٨٠، ٣٨١).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٦٣).
(٤) "فتح الباري" (١/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>