للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدالة، منها حديث أبي داود (١) في قصة لصٍّ أُتي به قد اعترف، فأمر به فقطع، وجيء به فقال: "استغفر الله وتُبْ عليه" [فقال: أستغفر الله وأتوب إليه]، فلم أمره - صلى الله عليه وسلم - بالتوبة بعد القطع؟ وقد أخرج أيضًا في قصة ماعزٍ وقد رجم قال: ذهبوا يسبّونه، فنهاهم، وذهبوا يستغفرون له فنهاهم، قال: "هو رجل أصاب ذنبًا حسيبه الله" (٢)، وغير ذلك من الروايات المذكورة هناك.

والجواب عن حديث الباب بأنها من عموم الكفارات، فإن كل أذى للمؤمن حتى الشوكة يشاكها كفارة للمؤمن، كما وردت في الروايات الكثيرة من باب ثواب المرض (٣).

(ثم ستره الله) يعم من تاب ومن لم يتب، وقال الجمهور: إن التوبة ترفع المؤاخذة، لكن لا اطلاع على قَبول التوبة، كذا في "القسطلاني" (٤).

[(١٢ - باب من الدين الفرار من الفتن)]

وقد تقدم أن الإمام ذكر في كتاب الإيمان الإسلام والدين لاتحادهما مصداقًا، قال تعالى ذكره: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} الآية [آل عمران: ١٩]، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} الآية [آل عمران: ٨٥]، وترجم هنا بالدين، ولم يقل "من الإيمان" كما قال فيما سبق رعايةً للفظ الحديث.

وقال الطيبي: اصطلحوا على ترادف الإيمان والدين والإسلام، ولا مشاحة فيه، كذا في "تراجم مسند الهند" (٥)، وأشكل في "اللامع" (٦): أن الترجمة لا تطابق الحديثَ حيث دلت الترجمة على كون الفرار من الفتن


(١) "سنن أبي داود" (ح: ٤٣٨٠).
(٢) "سنن أبي داود" (ح: ٤٤٣٢).
(٣) انظر: "صحيح البخاري" (ح: ٥٦٤٠)، و"صحيح مسلم" (ح: ٢٥٧٢)، و"سنن الترمذي" (ح: ٣٠٣٨).
(٤) "إرشاد الساري" (١/ ١٧٢).
(٥) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٠).
(٦) "لامع الدراري" (١/ ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>