للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصاري (١)، وفي "القسطلاني" (٢): وقيد به مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر بغير المعروف، للتنبيه على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وخص ما ذكر من المناهي بالذكر دون غيره للاهتمام به.

(فهو كفارة له) بسط الكلام عليه القسطلاني، وقال: قال الجمهور: هي كفارة، وتوقف بعضهم لحديث أبي هريرة عند الحاكم وصحَّحه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أدري الحدود كفارة أم لا"، وأَوَّلَه بأنه قبل العلم، وأشكل بقتل المرتد، فإن عقوبة المرتد القتل بلا خلاف، وقتله هذا لا يكون كفارة إجماعًا.

قلت: يمكن التفصِّي عنه بأن المرتد ليس بأهل للكفارة لكونه خارجًا عن الإسلام، والكفارة إنما تكون على المعاصي غير الكفر، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨].

ومستدَلَّات الحنفية من النصوص الآيات والأحاديث ستأتي في كتاب الشهادات والحدود، منها قوله عزَّ اسمه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية [المائدة: ٣٨]، وفيها الحجة بوجهين: الأول: أنه جعل في الآية القطع نكالًا، وهو يكون زاجرًا، والثاني: أنه عَزَّ اسمه ذكر بعد ذلك: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} الآية [المائدة: ٣٩]، ذكر التوبة بفاء التعقيب بعد القطع، وكذا في حد القذف ذكر: {إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [آل عمران: ٨٩] أي: بعد استيفاء الحد.

ومنها آية المحاربة، وفيها: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣]، فقد جمع الله بين عذاب الدنيا والآخرة، وأسقط عذاب الآخرة بالتوبة في قوله: {إلا الَّذِينَ تَابُوا} الآية كما بسط في هامش "اللامع" (٣) في كتاب الشهادات، وفيها بسط في الأحاديث


(١) انظر: "تحفة الباري" (١/ ٤١).
(٢) "إرشاد الساري" (١/ ١٧١).
(٣) "لامع الدراري" (٧/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>