للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاعدًا بدون العذر فضلًا عن نصف الأجر، وأما المعذور فلا ينتصف أجره بل يعطى كاملًا، وأما النفل فلا يصح نائمًا بدون العذر عند الجمهور، حتى قال الخطابي وابن عبد البر وغيرهما: أجمعت الأمة على المنع من ذلك، فوجَّهوا الحديث بعدة توجيهات، كما في "الكوكب" (١) وهامشه، وحمله السندي على بيان الضابطة إذ قال (٢): فالوجه أن يقال: ليس الحديث بمسبوق لبيان صحة الصلاة وفسادها، وإنما هو لبيان تفضيل إحدى الصلاتين الصحيحتين على الأخرى، وصحتهما تعرف من قواعد الصحة من خارج، فحاصل الحديث: أنه إذا صحت الصلاة قاعدًا فهي على نصف صلاة القائم فرضًا كانت أو نفلًا، وكذا إذا صحت الصلاة نائمًا فهي على نصف الصلاة قاعدًا في الأجر، وقولهم: إن المعذور لا ينتقص أجره، ممنوع. . . إلى آخر ما قال.

[(١٨ - باب صلاة القاعد بالإيماء)]

قال الحافظ (٣): ليس في الحديث ذكر الإيماء، فقيل: كأنه صحَّف قوله: "نائمًا"، يعني: بنون على اسم الفاعل من النوم، فظنه بإيماء، يعني: بموحدة مصدر أومأ، فلهذا تراجم بذلك، قال الحافظ: ولم يصب في ظنه أن البخاري صحَّفه، والظاهر أن المصنف مال إلى مسلك المالكية من أنه يجوز له الإيماء إذا صلى نفلًا قاعدًا مع القدرة على الركوع والسجود، انتهى.

والأوجه عندي: أن المصنف أشار إلى جواز الصلاة جالسًا بالإيماء عند عدم القدرة على الركوع والسجود، واستدل عليه بجوازها نائمًا بالإيماء فثبت جواز الإيماء قاعدًا بالطريق الأولى.


(١) "الكوكب الدري" (١/ ٣٤٦).
(٢) "حاشية السندي" (١/ ١٩٥).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>