للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المشرق والمغرب قبلة أي: لأهل المدينة، وهو المقصود بالترجمة، فكأنه أراد بذلك الرد على المذهب الثامن من المذاهب الثمانية المذكورة في "الأوجز" (١) في "باب النهي عن استقبال القبلة واستدبارها"، وهو مذهب أبي عوانة صاحب "المزني" إذ قال: إن التحريم مختص بأهل المدينة ومن كان على سمتها، أما من كانت قبلته إلى الشرق أو الغرب، فيجوز له الاستقبال والاستدبار لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكن شرِّقوا أو غرِّبوا"، فنبّه المصنف بالترجمة أن حكم النهي عام، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شرِّقوا أو غرِّبوا" خاص لأهل المدينة والشام؛ لأنه ليس قبلتهم في المشرق ولا في المغرب، فتأمل، فإن خاطري أبو عذره فإن كان صوابًا فمن الله عز اسمه، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، انتهى ملخصًا.

(٣٠ - باب قول الله - عز وجل -: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥])

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): أراد بذلك توكيد أمر القبلة أنها من التأكد بحيث إذا وردت هذه الآية لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة خلف المقام فرض الاستقبال، وأيضًا ففي عقد الترجمة دلالة على أن الآية ليست بموجبة استقبال المقام إذ لو كان كذلك لما صلى في وجه البيت؛ لأن المقام يكون خلفه حينئذ، فأراد أن الأمر في الآية ليس بإيجاب، وإنما هو أمر استحباب وسُنَّة، انتهى.

وفي هامشه: يشكل على الترجمة أن الإمام البخاري ترجم بالآية المتضمنة للأمر، ثم أورد فيها الروايات التي لا تدل على اتخاذ المقام مصلى، وأجاب عنه الشيخ بجوابين: إن المصنف أشار بذلك إلى توكيد أمر الاستقبال إلى الكعبة، إذ لم يتركه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع هذا الأمر، فكان


(١) "أوجز المسالك" (٤/ ١٦٢).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>