للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ومسألة حريم المصلي مختلفة، ففي "الأوجز" (١): اختلفوا في قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة ومحصوله: أن مالكًا لم يجد في ذلك حدًا إلا أن ذلك بقدر ما يركع فيه ويسجد، ويتمكن من دفع من يمر بين يديه، وقدره في فروع الأئمة الثلاثة بقدر ثلاثة أذرع، انتهى من هامش "اللامع" (٢).

[(٩٢ - باب الصلاة إلى الحربة)]

كتب الشيخ في "اللامع" (٣): لما كان النهي عن السجدة إلى ما يلزم فيه تشبه بعبدة الأصنام يقتضي أن لا تجوز الصلاة إلى الحربة والعنزة وغيرها من السلاح لتعظيم بعض الفرق إياها رد ذلك بأن المؤثر في النهي عنه ما اتفقت عليه طائفة ممن يعتد بها واشتهر أمر عظمته، ولا يبالي بفعل من لا يبالي به من الجهلة، وأورد لذلك عدة أبواب دفعًا للفرق بين أفرادها وكبيرها وصغيرها، فعلى هذا لو صلى إلى البقرة لا تكون كراهته مثل كراهة المصلي إلى النار لاشتهار عبادتها فوق اشتهار عبادة البقر، وتعظيم النار في قلوب أهلها فوق عظمة البقر، انتهى.

وفي هامشه: هذا أقصى ما يوجه به ترجمة المصنف بحيث يناسب شأنه، وإلا فالشرَّاح قاطبة سكتوا عن غرضه، ثم بسط في شرح كلام الشيخ وتأييده وفيه ولا يبعد عندي أن الإمام البخاري أشار بذلك إلى مقدار السترة طولًا، وترجم بالحربة والعنزة إشارة إلى أنه لا تحديد في ذلك قصرًا وطولًا، فلو ترجم بأحدهما لأوهم تحديده بذلك المقدار إلى آخر ما بسط، ثم لا يخفى عليك أن هذه الترجمة ستأتي في "كتاب العيد" بلفظ "باب الصلاة إلى الحربة يوم العيد"، ولا يشكل التكرار كما سيأتي هناك فإن الغرض مختلف.


(١) انظر: "أوجز المسالك" (٣/ ٢٦٦).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٤٩٧).
(٣) "لامع الدراري" (٢/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>