للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحرية شرط في وجوب القصاص، ونقصان الكفر والرق يمنع من الوجوب، فلا يقتل المسلم بالذمي ولا الحر بالعبد؛ لأن المساواة شرط وجوب القصاص، ولا مساواة بين المسلم والكافر، ولنا عمومات القصاص من نحو قوله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، وقوله - سبحانه وتعالى -: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، وقوله جلت عظمته: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] من غير فصل بين قتيل وقتيل، ونفس ونفس، ومظلوم ومظلوم، فمن ادعى التخصيص والتقييد فعليه الدليل، إلى آخر ما بسط في ذلك.

[(٣ - باب سؤال القاتل حتى يقر. . .) إلخ]

قال الحافظ (١): كذا للأكثر، وبعده حديث أنس في قصة اليهودي والجارية، ووقع عند النسفي وغيره بحذف "باب"، وصنيع الأكثر أشبه، وقد صرّح الإسماعيلي بأن الترجمة الأولى بلا حديث، انتهى.

قلت: ووجوه عدم ذكر الحديث تحت الباب كثيرة شهيرة تقدم ذكرها مرارًا.

ثم قال العيني (٢) في شرح ترجمة الباب: أي: هذا باب في بيان سؤال الإمام القاتل، يعني: من اتهم بالقتل ولم تقم عليه البينة، ويسأله حتى يقر، فيقيم عليه الحد، انتهى.

قلت: عجب من العيني أنه تعرض لشرح أجزاء الترجمة، ولم يتعرض لشرح قول المصنف في الترجمة: "والإقرار في الحدود"، وكذا لم يتعرض غيره من الشرَّاح لغرض الترجمة، والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أنه نبَّه بذلك على الفرق بين القصاص والحدود بأن ينبغي للإمام التجسس في الأول دون الثاني، فإن الحدود تندرئ بالشبهات بخلاف الجنايات فلها


(١) "فتح الباري" (١٢/ ١٩٨).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>