للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أيضًا يروي القرآن عن ربه، وقال الكرماني (١): الرواية عن الربّ أعمّ من أن تكون قرآنًا أو غيره، بدون الواسطة أو بالواسطة، وإن كان المتبادر هو ما كان بغير الواسطة، انتهى.

وفي "التراجم" (٢) للشاه ولي الله الدهلوي: القراءة يدخل فيها الترجيع وهو من صفاتها، انتهى.

ولا يبعد عندي أن يقال: إن الإمام البخاري أشار بقراءة سورة الفتح إلى الروايات التي وردت في قصة الحديبية من رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه تعالى، ويستنبط ذلك مما ذكره السيوطي في قصة بيعة الشجرة، وفيه: "ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إن روح القدس قد نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره بالبيعة" الحديث، انتهى من هامش "اللامع" (٣).

[(٥١ - باب ما يجوز من تفسير التوراة. . .) إلخ]

غرض الترجمة ظاهر، وهو أنه استدل بذلك على مطلوبه، وهو أن القراءة فعل القاري؛ لأن التفسير لا بدّ أن يكون من فعل المفسر.

قال الحافظ (٤): قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} الآية [آل عمران: ٩٣]، وجه الدلالة أن التوراة بالعبرانية، وقد أمر الله تعالى أن تتلى على العرب وهم لا يعرفون العبرانية، فقضية ذلك الإذن في التعبير عنها بالعربية، انتهى.

وفي "الفيض" (٥): فالتوراة من الله تعالى وتفسيرها من أفعال العباد، وكذا الكتابة من أفعالهم، فهل يقول عاقل: إن التلاوة والكتابة وأمثالهما من صفاته تعالى، وإذن وجب الفرق بين الوارد والمَوْرِد، وفعل العبد


(١) "شرح الكرماني" (٢٥/ ٢٣١).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٤٥١).
(٣) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٣٥).
(٤) "فتح الباري" (١٣/ ٥١٦).
(٥) "فيض الباري" (٦/ ٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>