للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٠ - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر. . .) إلخ]

قال ابن بطال: قوله: "إذا كان مسكرًا" خطأ؛ لأن النهي عن الخليطين عام وإن لم يسكر كثيرهما لسرعة سريان الإسكار إليهما من حيث لا يشعر صاحبه به، فليس النهي عن الخليطين لأنهما يسكران حالًا بل لأنهما يسكران مآلًا، فإنهما إذا كانا مسكرين في الحال لا خلاف في النهي عنهما.

قال الكرماني: فعلى هذا فليس هو خطأ، بل يكون أطلق ذلك على سبيل المجاز، وهو استعمال مشهور، وأجاب ابن المنيِّر بأن ذلك لا يرد على البخاري إما لأنه يرى جواز الخليطين قبل الإسكار، وإما لأنه ترجم على ما يطابق الحديث الأول، إلى آخر ما ذكر الحافظ (١).

وقال: الذي يظهر لي أن مراد البخاري بهذه الترجمة الردّ على من أوّل النهي عن الخليطين بأحد تأويلين: أحدهما: حمل الخليط على المخلوط، وهو أن يكون نبيذ تمر وحده مثلًا وقد اشتد، ونبيذ زبيب وحده مثلًا قد اشتد، فيخلطان ليصيرا خلًّا، فيكون النهي من أجل تعمد التخليل، وهذا مطابق للترجمة من غير تكلف، ثانيهما: أن يكون علة النهي عن الخلط الإسراف، فيكون كالنهي عن الجمع بين إدامين، ويؤيد الثاني قوله في الترجمة: "وأن لا يجعل إدامين في إدام"، وقد نصر الطحاوي من حمل النهي عن الخليطين على منع السرف، إلى آخر ما بسط الحافظ، وبسط في نقل مذاهب العلماء في حكم الخليط.

وقال القسطلاني (٢): وهل إذا خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد مع نبيذ التمر الذي لم يشتد يمتنع أو يختص النهي عن الخلط عند الانتباذ؟ فقال الجمهور: لا فرق ولو لم يسكر، وقال الكوفيون بالحل، ولا خلاف أن


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٦٧).
(٢) "إرشاد الساري" (١٢/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>