للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعله ويحكيه اختيارًا ليتأسى به وهو يراه من هز الناقة له، ثم يقول: كان يرجع في قراءته فنسب الترجيع إلى فعله، وليس المراد ترجيع الغناء كما أحدثه قراء زماننا، عفا الله عنا وعنهم ووفقنا أجمعين لتلاوة كتابه على النحو الذي يرضيه عنا بمنّه وكرمه، انتهى.

[(٣١ - باب حسن الصوت بالقراءة)]

قال القسطلاني (١): ولا ريب أنه يستحب تحسين الصوت بالقراءة، وحكى النووي الإجماع عليه لكونه أوقع في القلب وأشد تأثيرًا وأرق لسامعه، فإن لم يكن القارئ حسن الصوت فليحسنه ما استطاع، فمن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم فإن الحسن الصوت يزداد حسنًا بذلك، وهذا إذا لم يخرج عن التجويد المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يف تحسين الصوت بقبح الأداء، انتهى.

قال الحافظ (٢): وقد تقدم في "باب من لم يتغن بالقرآن" نقل الإجماع على استحباب سماع القرآن من ذي الصوت الحسن، وأخرج ابن أبي داود من طريق ابن أبي مسجعة قال: كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت لحسن صوته بين يدي القوم، انتهى.

[(٣٢ - باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره)]

في رواية الكشميهني "القراءة" بدل "القرآن"، ذكر فيه حديث ابن مسعود: "قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ عليّ القرآن" أورده مختصرًا، ثم أورده مطولًا في الباب الذي بعده، قال ابن بطال: يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سُنَّة، ويحتمل أن يكون لكي يتدبره ويتفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها، وهذا بخلاف قراءته هو - صلى الله عليه وسلم - على


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٣٦٦).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>