للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكس ما ههنا، فقيل: الذي وقع ههنا مقلوب، وقيل: هو صواب، وهو من الرواية بالمعنى؛ لأن اشترى وباع بمعنى واحد، انتهى.

ونحوه في "القسطلاني" (١) وزاد: وحمله في "المصابيح" على تعدد الواقعة وحينئذٍ فلا تعارض، وأجاد الشيخ قُدِّس سرُّه الكلام على ذلك في "الكوكب الدري" (٢) إذ قال: قوله: "اشترى" لعل البيع كان بيع مقايضة فيصح على كل من المتعاقدين إطلاق البائع والمشتري، وسبب ذلك التكلف أن العلماء يتفقون على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبع بعد الهجرة شيئًا، والمراد به البيع بأحد النقدين، وأما مبادلة العروض فكان جاريًا ولا يلزم فيه شيء، وما قيل: إن "اشترى" ههنا بمعنى "باع" فلا يناسبه كتابة الشروط وكون الصك مع العداء، فإنه لو كان كذلك لكان الكاتب هو العداء لأنه البائع حينئذٍ، ولكان النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب صك، وكان عنده لا عداء، انتهى.

[(٢٠ - باب بيع الخلط من التمر)]

الخلط بكسر المعجمة التمر المجتمع من الأنواع المتفرقة، و"الجمع" بفتح الجيم وسكون الميم: فسر بالخلط، وقيل: هو كل لون من النخيل لا يعرف اسمه، والغالب في مثل ذلك أن يكون رديئه أكثر من جيده، وفائدة هذه الترجمة رفع توهم من يتوهم أن مثل هذا لا يجوز بيعه لاختلاط جيده برديئه؛ لأن هذا الخلط لا يقدح في البيع لأنه متميز ظاهر فلا يعد ذلك عيبًا، بخلاف ما لو خلط في أوعية يرى جيدها ويخفى رديئها، انتهى من "الفتح" (٣).

قلت: فكأن هذه الترجمة بمنزلة الاستثناء من الترجمة السابقة وهي "باب إذا بين البيعان. . ." إلخ، والمعنى أن الخلط إذا كان ظاهرًا بمرأى من المشتري لا حاجة إلى بيان ما فيه من الجيد والرديء، ثم لا تعلق لهذه


(١) "إرشاد الساري" (٥/ ٤٤).
(٢) "الكوكب الدري" (٢/ ٢٨١).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٣١١ - ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>