للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحرب هل يسوغ مطلقًا أو يجوز منه الإيمان دون التصريح؟ وقد جاء من ذلك صريحًا ما أخرجه الترمذي مرفوعًا: "لا يحل الكذب إلا في ثلاث: تحديث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس". قال النووي (١): الظاهر إباحة حقيقة الكذب في الأمور الثلاثة، لكن التعريض أولى، انتهى في "الفتح" (٢).

(١٥٩ - باب الفَتْكِ بأهل الحرب)

أي: جواز قتل الحربي سرًّا. وبين هذه الترجمة وبين الترجمة الماضية - وهي "قتل المشرك النائم" - عموم وخصوص وجهي، وإنما فتكوا به لأنه نقض العهد، وأعان على حرب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهجاه، ولم يقع لأحد ممن توجه إليه تأمين له بالتصريح، وإنما أوهموه ذلك وآنسوه حتى تمكنوا من قتله، انتهى من "الفتح" (٣).

قلت: ويشكل عليه ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن". ويمكن الجواب عنه بما في "الدرجات" للدمنتي في تفسير الفتك: هو قتل المؤمن غيره غدرًا في حال غفلته، انتهى. فهذا الحديث محمول على الغدر وهو لا يجوز. وأما فتك كعب بن الأشرف إنما كان لنقضه العهد وغيره، كما تقدم في كلام الحافظ، أو يقال بضعف هذا الحديث، فقد تكلم الحافظ المنذري على إسناده كما في "البذل" (٤) في "باب العدو يؤتى على غِرَّةٍ".

[(١٦٠ - باب ما يجوز من الاحتيال والحذر. . .) إلخ]

قال الحافظ (٥): قوله: "معرته" بفتح الميم وتشديد الراء؛ أي: شره وفساده. انتهى.


(١) "المنهاج" (١٢/ ٤٤).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٥٩).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ١٦٠).
(٤) "بذل المجهود" (٩/ ٥٠١).
(٥) "فتح الباري" (٦/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>