للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعًا فيصدق أن كلًّا منهما آخر بالنسبة لما عداهما، ويحتمل أن تكون الآخرية في آية النساء مقيَّدة بما يتعلق بالمواريث مثلًا بخلاف آية البقرة، ويحتمل عكسه، والأول أرجح. . .، إلى آخر ما قال في "الفتح". وقال أيضًا: المراد بالآخرية في الربا تأخر نزول الآيات المتعلقة به من سورة البقرة، وأما حكم تحريم الربا فنزوله سابق لذلك بمدة طويلة على ما يدل عليه قوله تعالى في آل عمران في أثناء قصَّة أحد: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠]، انتهى.

(٥٤ - باب قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ. . .} [البقرة: ٢٨٤]) إلخ

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): قوله: "قد نسخت {وَإِنْ تُبْدُوا. . .} " إلخ، أراد بالنسخ التخفيف فإن النسخ إنما هو في الأحكام وها هنا ليس كذلك، فالمراد أنه خفف عن الأمة، انتهى.

وفي هامشه: قال الحافظ (٢): المراد بقوله: "نسختها" أي: أزالت ما تضمنته من الشدة وبيَّنت أنه وإن وقعت المحاسبة به لكنها لا تقع المؤاخذة به، أشار إلى ذلك الطبري فرارًا من إثبات دخول النسخ في الأخبار، وأجيب بأنه وإن كان خبرًا لكنه يتضمن حكمًا، ومهما كان من الأخبار يتضمن الأحكام أمكن دخول النسخ فيه كسائر الأحكام، وإنما الذي لا يدخله النسخ من الأخبار ما كان خبرًا محضًا لا يتضمن حكمًا؛ كالإخبار عما مضى من أحاديث الأمم ونحو ذلك. ويحتمل أن يكون المراد بالنسخ في الحديث التخصيص فإن المتقدمين يطلقون لفظ النسخ عليه كثيرًا، والمراد بالمحاسبة بما يخفي الإنسان ما يصمم عليه ويشرع فيه دون ما يخطر له ولا يستمر عليه، والله أعلم انتهى.


(١) "لامع الدراري" (٩/ ٣٥).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>