للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى النساء والصبيان ويداعبهم ويمازحهم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأمزح ولا أقول إلا حقًّا" فينبغي للمؤمن الاقتداء بحسن أخلاقه وطلاقة وجهه.

قوله: (والدعابة مع الأهل) بالجر عطفًا على الانبساط، وهي من بقية الترجمة، وهي بضم الدال: الملاطفة في القول بالمزاح، من دعب يدعب فهو دعاب، قال الجوهري: أي: لعاب، والمداعبة الممازحة، فإن قلت: قد أخرج الترمذي من حديث ابن عباس رفعه: "لا تمار أخاك - أي: لا تخاصمه - ولا تمازحه" الحديث.

قلت: يجمع بينهما بأن المنهي عنه ما فيه إِفراط أو مداومة عليه؛ لأنها تؤول إلى الإيذاء والمخاصمة وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح فافهم، انتهى.

[(٨٢ - باب المداراة مع الناس)]

هو بغير همز وأصله الهمز لأنه من المدافعة (١)، والمراد به الدفع برفق، وأشار المصنف بالترجمة إلى ما ورد فيه على غير شرطه، واقتصر على إيراد ما يؤدي معناه، فمما ورد فيه صريحًا حديث لجابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مداراة الناس صدقة" أخرجه ابن عدي والطبراني في "الأوسط"، وحديث أبي هريرة: "رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس" أخرجه البزار بسند ضعيف.

قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وظنّ بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغلط؛ لأن المداراة مندوب إليها، والمداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان، وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسّرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار


(١) كذا في الأصل، (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>