للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحابي بنفسه، ولا يمكن أنه تقدم على القوم وأمَّهم دون أن يحقق أمر صلاة الكسوف، كيف هي؟ وقد كانت معه جماعة من الصحابة ولم ينقل عن أحد منهم إنكار على ما فعله، ولو أنكروا عليه لنقل كما نقل إنكار أخيه الأصغر منه سنًا وعلمًا، فكان ذلك حجة قوية على أنهم سلموا ذلك منه واستحسنوه.

وأما إنكار عروة فإن مبناه أنه سمع من عائشة ما يخالف صلاة ابن الزبير، فظن أنه خالف السُّنَّة، مع أن عائشة لم تكن حين الصلاة إلا في حجرتها، فلا تدري الأمر على ما هو عليه في نفس الأمر، كيف! وقد رواه غيرها ممن شهد الوقعة وتحرَّى فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها كما هو مذكور في روايات أبي داود ولم ينقلوا إلّا ما اختاره الأحناف - رضي الله عنهم -، ومع ذلك كله فهي مترددة في رواية القصة، فقد روي عنها أربع ركوعات وستة، فهذا أدلّ حجة على أنها لم يتعين عندها أحد الأمرين وإلا لما اختلفت الروايات عنها، فعلم أنها مع ترددها في تعيين عدد الركوع روت كل واحد من الراويين على حسب ما ترجح عندها من الاحتمال حين روايتها لتلك الرواية، والله تعالى أعلم، وبسط في هامشه في تأييد كلام الشيخ قُدِّس سرُّه.

[(٥ - باب هل يقول: كسفت الشمس. . .) إلخ]

ترجم الإمام البخاري بلفظ: "هل"، قال الزين ابن المنيِّر: أتى بلفظ الاستفهام إشعارًا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شيء.

قال الحافظ (١): ولعله أشار إلى ما رواه ابن عيينة عن الزهري عن عروة قال: "لا تقولوا: كسفت الشمس، ولكن قولوا: خسفت"، وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى


(١) "فتح الباري" (٢/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>