للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثانية في أصول التراجم التي ذكرها شرَّاح الحديث والمشايخ في كتبهم مجملة

وتقدم في الفائدة الثالثة من الفصل الثاني (١) ما قال الحافظ في مقدمة "الفتح" (٢) في موضوع "كتاب البخاري" والكشف عن مغزاه فقال:

"تقرر أنه التزم فيه الصحة وأنه أصل موضوعه، ثم رأى أن لا يخليه من الفوائد الفقهية والنكت الحِكَمية، فاستخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة فرَّقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها، واعتنى فيه بآيات الأحكام فانتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة.

قال الشيخ محيي الدين - نفع الله به -: ليس مقصود البخاري الاقتصار على الأحاديث فقط، بل مراده الاستنباط منها والاستدلال لأبواب أرادها، ولهذا المعنى أخلى كثيرًا من الأبواب عن إسناد الحديث، واقتصر فيه على قوله: "فيه فلان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" أو نحو ذلك، وقد يذكر المتن بغير إسناد، وقد يورده معلَّقًا.

وإنما يفعل هذا لأنه أراد الاحتجاج للمسألة التي ترجم لها، وأشار إلى الحديث لكونه معلومًا، وقد يكون مما تقدم وربما تقدم قريبًا، ويقع في كثير من أبوابه الأحاديث الكثيرة، وفي بعضها ما فيه حديث واحد، وفي بعضها ما فيه آية من كتاب الله؛ وبعضها لا شيء فيه البتة، وقد ادَّعى بعضهم أنه صنع ذلك عمدًا، وغرضه أن يبين أنه لم يثبت عنده حديث بشرطه في المعنى الذي ترجم عليه.

ومن ثمة وقع من بعض من نسخ الكتاب ضمُّ باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب، فأشكل فهمه على الناظر فيه.


(١) راجع: مقدمة "لامع الدراري" (١/ ٨٥).
(٢) "هدي الساري" (ص ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>