للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وظاهر الترجمة الإشارة إلى ترجيح الحرفة، وبه صرح العيني والقسطلاني (١).

والأوجه عندي: أن غرض المصنف الإشارة إلى المكاسب كلها، فالأنواع الثلاثة المذكورة ثابتة في روايات الباب، فالتجارة في الحديث الأول لأنها كانت حرفة الصديق - رضي الله عنه -، وأما الزراعة فيستفاد من ثاني أحاديث الباب بلفظ "كانوا أعمال أنفسهم" وكانت حرفة الأنصار الزراعة، وأما الصنعة فيستفاد من الحديث الثالث من عمل داود - عليه السلام -، والنوع الرابع الإجارة، وهو ثابت من حديث أبي هريرة "لأن يحتطب أحدكم" الحديث، وأما عدهم الجهاد من المكاسب فليس بواضح عندي، بل الظاهر أن الجهاد ليس بكسب، نعم فيه حصول مال لكن العمل فيه ليس لأجل تحصيله، وإلا فللحصول أسباب أخر، كالتصدق، والهبة، والميراث، اللهم إلا أن يقال: إن للحاصل في الجهاد دخلًا للعمل بخلاف الإرث وغيره، فإنه لا دخل فيها للعمل، وعلى هذا فيمكن إدخال الجهاد في المكاسب، وعندي أن الصنعة ليست من الأصول بل هي داخلة عندي في التجارة، فأصول المكاسب عندي ثلاثة: التجارة، والزراعة، والإجارة، وتقدم في كلام الحافظ الاختلاف في التفصيل بينها، وفي "البحر الرائق": أفضل الكسب بعد الجهاد التجارة، ثم الحراثة، ثم الصناعة، انتهى.

وبسط الكلام عليه في هامش "اللامع" (٢) في مبدأ أبواب الحرث والمزارعة.

[(١٦ - باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع. . .) إلخ]

قال الحافظ (٣): يحتمل أن يكون من باب اللف والنشر مرتبًا أو غير مرتب، ويحتمل كل منهما لكل منهما، إذ السهولة والسماحة متقاربان في


(١) "إرشاد الساري" (٥/ ٣٦).
(٢) "اللامع" (٦/ ٣٣٢ - ٣٣٣).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>