للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي فالأصل الجواز، نعم نقل ابن بطال عن ابن (١) طاوس أنه كان يكره التربع ويقول: هي جلسة مهلكة. لكن عورض "بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الفجر تربّع في مجلسه حتى تطلع الشمس" رواه مسلم وغيره من حديث جابر بن سمرة، انتهى.

وتعقب العلامة السندي (٢) كلام القسطلاني في بيان المطابقة إذ قال: وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن حالتي اللبس لا عن حالتي الجلوس حتى يحسن الاستدلال على جواز ما عدا حالتي الجلوس، وأيضًا لم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصر، ولا في الحديث ما يدل عليه، كيف وقد نهى عن البيعتين مع أن المنهي عنه من البيوع أكثر من أن يحصر، والله تعالى أعلم، انتهى. وبسط الحافظ الكلام في وجه المطابقة.

[(٤٣ - باب من ناجى بين يدي الناس. . .) إلخ]

قال العلامة العيني (٣) في شرح ترجمة الباب: "ومن لم يخبر" أي: في بيان من لم يخبر بسر صاحبه في حياة صاحبه إلخ.

والحاصل: أن هذه الترجمة مشتملة على شيئين لم يوضح الحكم فيهما اكتفاء بما في الحديث، أما الأول فحكمه جواز مساررة الواحد بحضرة الجماعة، وليس ذلك من نهيه عن مناجاة الاثنين دون الواحد؛ لأن المعنى الذي يخاف من ترك الواحد لا يخاف من ترك الجماعة، وذلك أن الواحد إذا سارّوا دونه وقع بنفسه أنهما يتكلمان فيه بالسوء، ولا يتفق ذلك في الجماعة.

وأما الثاني فحكمه أنه لا ينبغي إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المسرّ، إلى آخر ما ذكر، ثم قال: وهذا حاصل معنى الترجمة المذكورة، وبه يتضح أيضًا معنى الحديث، انتهى.


(١) هكذا في "الفتح"، وفي نسخة "العيني" بدله: "طاوس"، فليفتش، (ز).
(٢) "صحيح البخاري بحاشية السندي" (٤/ ٩٥).
(٣) "عمدة القاري" (١٥/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>