للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاعتك، من قولهم: لبّ فلان بالمكان: إذا أقام به، وقيل: معناه: إجابة بعد إجابة، ومعنى "سعديك": إسعادًا لك بعد إسعاد، انتهى.

قال العلامة العيني (١): وهذا من المصادر التي حذف فعلها لكونه وقع مثنى، وذلك يوجب حذف فعله قياسًا؛ لأنهم لما ثنوه صار كأنهم ذكروه مرتين فكأنه قال: لبًّا لبًّا، وأما سعديك فمعناه في العبادة: أنا متبع أمرك غير مخالف لك فأسعدني على متابعتك إسعادًا بعد إسعاد، وأما في إجابة المخلوق فمعناه: أسعدك إسعادًا بعد إسعاد، أي: مرة بعد أخرى، انتهى.

وسكت الشرَّاح عن غرض الترجمة، ولعل الغرض منه الردّ لما حكي عن مالك من كراهة ذلك كما في "الشرح الكبير" (٢)، وأوَّلَه بأن مراده استعمال تلبية الحج لا مطلق لبيك، وترجم الإمام أبو داود في "سننه" (٣) على هذا المعنى بقوله: "باب الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك".

[(٣١ - باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه)]

هكذا ترجم بلفظ الخبر، وهو خبر معناه النهي، وقد رواه ابن وهب بلفظ النهي: "لا يقم" وفي رواية عند مسلم "لا يقيمنّ" بلفظ النهي المؤكد، انتهى من "الفتح" (٤).

قال الكرماني (٥): وهو نفي في معنى النهي، فقيل: إنه للتحريم، وقيل: للتنزيه، وهو من باب الآداب ومحاسن الأخلاق، انتهى.

قال العلامة القسطلاني (٦): وظاهر النهي التحريم فلا يصرف عنه إلا بدليل، ولفظ الحديث وإن كان عامًّا لكنه مخصوص بالمجالس المباحة كالمساجد ومجالس الحكام والعلم وغيرها، وأما المجالس التي ليس للشخص فيها ملك ولا إذن له فيها فإنه يقام ويخرج منها، إلى آخر ما ذكر.


(١) عمدة القاري" (١٥/ ٣٨٠).
(٢) "الشرح الكبير" (٢/ ٤٢).
(٣) انظر: "بذل المجهود" (١٣/ ٦١٨).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ٦٢).
(٥) "شرح الكرماني" (٢٢/ ١٠٤).
(٦) "إرشاد الساري" (١٣/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>