للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "المشكاة" (١) من حديث أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في المسجد احتبى بيديه" رواه رزين، ولما ثبت الاحتباء منه - صلى الله عليه وسلم - فأقل مراتبه الجواز بل قيل: إنه سُنَّة، قال القاري في "المرقاة" (٢) تحت حديث ابن عمر حديث الباب: المراد به سُنِّية الاحتباء في الجلوس، ذكره ابن الملك، والظاهر أن سُنِّيته لا تحصل بمجرد هذا الفعل، بل هو بيان الجواز ودليل الاستحباب، انتهى.

[(٣٥ - باب من اتكأ بين يدي أصحابه. . .) إلخ]

قال العيني (٣): قيل: الاتكاء: الاضطجاع، وفي حديث عمر - رضي الله عنه -: "وهو متكئ على سرير" أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجع على سرير بدليل قوله: "قد أثّر السرير في جنبه"، وقال الخطابي: كل معتمد على شيء متمكن منه فهو متكئ، انتهى.

وقد بسط الحافظ (٤) الكلام في تفسير الاتكاء والفرق بينه وبين الاضطجاع، وفي هامش المصرية عن "شرح شيخ الإسلام" (٥): والاتكاء ههنا بقرينة حديث الباب الاضطجاع على الجنب، وفي حديث "لا آكل متكئًا" الاستواء قاعدًا متمكنًا، قال ابن الأثير: المتكئ في العربية كل من استوى قاعدًا على وطاء متمكنًا، والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مَالَ في قعوده معتمدًا على أحد شقيه، قال: ومعنى حديث "لا آكل متكئًا" أي: إذا أكلت لم أقعد متكئًا مثل من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بُلْغَةً فيكون قعودي له مستوفزًا، انتهى.

وقال الحافظ (٦): نقل ابن العربي عن بعض الأطباء أنه كره الاتكاء، وتعقبه بأن فيه راحة كالاستناد والاحتباء، قال المهلب: يجوز للعالم


(١) "مشكاة المصابيح" (رقم ٤٧١٣).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٨/ ٤٨٠، ٤٨١).
(٣) "عمدة القاري" (١٥/ ٣٨٦).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ٦٦).
(٥) "تحفة الباري" (٦/ ١٥٧).
(٦) "فتح الباري" (١١/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>