للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث، وتوضيح ذلك ما قال القاري: قد يشكل عليه ما جاء في حديث الطبراني: "أن أدنى أهل الجنة يمسي على زوجتين من نساء الدنيا"، فكيف يكنّ مع ذلك أكثر أهل النار وهنّ أكثر أهل الجنة؟

وجوابه: أنهن أكثر أهلها ابتداء، ثم يخرجن ويدخلن فيصرن أكثر أهلها انتهاءً، أو المراد أنهن أكثر أهلها بالقوة، ثم يعفو الله عنهن، هذا ولا بدع أنهن يكنَّ أكثر أهلهما لكثرتهن، وتكلم على ذلك في هامش "اللامع" أيضًا.

ثم قال الحافظ (١): وظاهره أنه رأى ذلك ليلة الإسراء أو منامًا وهو غير رؤية النار، وهو في صلاة الكسوف، ووهم من وحَّدهما، وقال الداودي: رأى ذلك ليلة الإسراء أو حين خسفت الشمس، كذا قال، وبسط الكلام على حديث الباب في "الأوجز" (٢).

[(٢٢ - باب المعاصي من أمر الجاهلية. . .) إلخ]

كتب شيخ الهند في "تراجمه" ما تعريبه: في هذا الباب ترجمتان، ولكن المقصود هي الترجمة الأولى، والثانية كدفع دخل مقدر، والغرض أن المعاصي من أمر الجاهلية، يعني: داخلة في الأمور الشركية، كما أثبت في الأبواب السابقة أن أعمال الخير من الأمور الإيمانية، أي: داخلة في الإيمان، قد تحقق في الأبواب السابقة الحاجة إلى أعمال الخير، وثبت في هذا الباب قبح المعاصي ومضرتها، وبجمعها يبطل قول المرجئة بالكلية، ولكن يخشى أن يطمع الخوارج والمعتزلة من هذه الترجمة، لذا ذكر المؤلف المحقق بعدها: "ولا يكفر صاحبها بارتكابها"، فسدَّ بذلك بابهم، ثم قوله: "لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -" متعلق بالترجمة الأولى، "وقول الله" دليل الترجمة الثانية، ثم ذكر حديث أبي ذر - رضي الله عنه - فهو بالبداهة مربوط بالترجمة الأصلية، ولما نرى أن الأحمق الجاهل أيضًا لا يمكن له أن يتكلم بحرف


(١) "فتح الباري" (١١/ ٤١٩).
(٢) "أوجز المسالك" (٤/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>