للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهو كذلك، وإنما أثبت مشروعيته دفعًا لما يتوهم من حديث السنن عن ابن عباس مرفوعًا: "من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل" أخرجه الإمام أبو داود في "سننه" (١) في "باب اتباع الصيد"، وكذا أخرجه الترمذي أيضًا، ومحمل هذا الحديث فيما إذا توغَّل في اتباع الصيد وانهمك به، فقد كتب شيخنا في "البذل" (٢): لأنه إذا استولى عليه رغبة اتباع الصيد وحبه يغفل عن الصلاة وغيرها من الواجبات، أو يحمل على ما إذا لم يقصد به الانتفاع بالصيد بل قصد اللهو فقط، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ (٣) تحت حديث أنس: "أنفجنا أرنبًا ونحن بمر الظهران" الحديث كما سيأتي: وفي الحديث أيضًا جواز استثارة الصيد والغدو (٤) في طلبه، وأما ما أخرجه أبو داود والنسائي من حديث "من اتبع الصيد غفل" فهو محمول على من واظب على ذلك حتى يشغله عن غيره من المصالح الدينية وغيرها.

[(١٠ - باب التصيد على الجبال)]

بالجيم جمع جبل بالتحريك، أورد فيه حديث أبي قتادة في قصة الحمار الوحشي لقوله فيه: كنت رقّاء على الجبال، وهو بتشديد القاف مهموز، أي: كثير الصعود عليها، قال ابن المنيِّر: نبَّه بهذه الترجمة على جواز ارتكاب المشاق لمن له غرض لنفسه أو لدابته إذا كان الغرض مباحًا، وأن التصيد في الجبال كهو في السهل، وأن إجراء الخيل في الوعر جائز للحاجة، وليس هو من تعذيب الحيوان، انتهى من "الفتح" (٥).


(١) "سنن أبي داود" (رقم ٢٨٥٩)، و"سنن الترمذي" (رقم ٢٢٥٦).
(٢) "بذل المجهود" (٩/ ٦٣٩).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٦٦٢).
(٤) كذا في الأصل، وكذا في "الفتح"، والظاهر "العدو" بعين مهملة.
(٥) "فتح الباري" (٩/ ٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>