للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٦ - باب قوله: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} الآية [آل عمران: ١٨٨])

قال الحافظ (١): سقط لفظ "باب" لأبي ذر.

قوله: (إن رجالًا من المنافقين. . .) إلخ، قال الحافظ (٢): هكذا ذكره أبو سعيد الخدري في سبب نزول الآية، وأن المراد من كان يعتذر عن التخلف من المنافقين، وفي حديث ابن عباس الذي بعده أن المراد من أجاب من اليهود بغير ما سئل عنه وكتموا ما عندهم من ذلك، ويمكن الجمع بأن تكون الآية نزلت في الفريقين معًا، وبهذا أجاب القرطبي وغيره، وحكى الفراء أنها نزلت في قول اليهود: نحن أهل الكتاب الأول والصلاة والطاعة، ومع ذلك لا يقرّون بمحمد فنزلت: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: ١٨٨] وروي عن جماعة من التابعين نحو ذلك، ورجحه الطبري، ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك، أو نزلت في أشياء خاصة، وعمومها يتناول كل من أتى بحسنة ففرح بها فرح إعجاب وأحب أن يحمده الناس ويثنوا عليه بما ليس فيه، والله تعالى أعلم.

قوله: (فقال ابن عباس: وما لكم ولهذه. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣) حاصل كلامه: أن هذا ليس على عمومه الظاهر كما توهمه السائل بل الذي تناولته الآية هو الذي يكون على حسبه لا أزيد منه ولا أنقص، وليس فرح المسلم بما عمله من الخير وكذلك حبه الحمد على ما لم يفعله مساويًا لما فعلته اليهود من حبّ الحمد على ما ارتكبوه من الكتمان وهو حرام عليهم، وكذلك فرح المسلم بما أتاه ليس مماثلًا لفرح اليهود بما أتوا به من الأخبار لغير ما كان في كتابهم ثم فرحوا بذلك، فإن أتى آتٍ من المسلمين بمثل ما أتوا به فارتكب حرامًا ثم ودّ أن يحمد


(١) "فتح الباري" (٨/ ٢٣٣).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٢٣٣).
(٣) "لامع الدراري" (٩/ ٤٤ - ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>