للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصنف فيه تفصيلًا، ولذا لم يعيِّن الحكم بل أشار إليه بإشارات لطيفة، وهي أن المصنف ينبّه على أن قوله: "إن الله لا يستحيي من الحق" حق لا مراء فيه، لكن معناه أنه لا ينبغي أن يترك له التفقه، وليس الغرض أن لا يستحيي في العلم بل ينبغي له إهمال الحياء في التعلم، وهذا هو الغرض الأصلي من الترجمة، ويدل عليه حديث أم سليم، فإن فيه تنبيهات من غط الوجه وغيره، ويشير إليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تربت يداك"، ولذا عقد بعد ذلك "باب من استحيى فأمر غيره. . ." إلخ، تنبيهًا على أنه لا بأس في ترك السؤال لأجل الحياء، أما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فدلالته على الترجمة خفية، والحق أنه أيضًا يدل على ما قلنا، فإن سكوته للحياء كان مستحسنًا، وقول عمر - رضي الله عنه - ليس بنكير عليه بل هو إظهار لمسرته، انتهى ملخصًا من هامش "اللامع".

[(٥١ - باب من استحيا فأمر غيره. . .) إلخ]

تقدم ما قال شيخ الهند في "تراجمه"، وقال شيخ المشايخ في "تراجمه" (١): قوله: "باب من استحيا. . ." إلخ، أي: هو جائز لحصول أصل الغرض من السؤال، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): يعني: أن الذي ذكر أولًا من كراهة الحياء في المسألة حيث خاف الفوت في الاستحياء، فأما إذا حصل المقصود مع ملازمة الحياء فلا كراهة فإن الحياء خير كله، انتهى.

وفي هامشه: مقصود الترجمة واضح كما أفاده الشيخ، ولا يذهب عليك ما في حديث الباب من قوله: "فأمرت المقداد" الحديث، الروايات في ذلك مختلفة ففي بعضها نسبة السؤال إلى نفسه إذ قال: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي بعضها إلى المقداد كما في حديث الباب، وفي أخرى إلى عمار كما في حديث النسائي وغيره، ولم يتعرض عنه الشيخ ولا عن


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٦٠).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>