للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأقوال لما كانت دالة على عدم جواز قطع حديثهم نَبّه المصنف بذلك على أنه يجوز عند الضرورة، ملخصًا من هامش "اللامع".

وكتب الشيخ في "اللامع" (١): فيه دلالة على جواز الأمر بالإنصات للعلم ولو عن الذكر، فإن الناس كانوا في التلبية وهي ذكر، ولذلك احتيج إلى عقد باب له، فإن الظاهر يأبى عن الإنصات من الذكر وتلاوة القرآن وغيرهما من الطاعات، فأثبت بالرواية أن ذلك جائز لأجل العلم والوعظ، انتهى.

قوله: (قال له) ادعى بعضهم أن لفظ: "له" وهم؛ لأن جريرًا أسلم قبل وصاله عليه الصلاة والسلام بأربعين يومًا، لكن قال ابن حبان وغيره: إنه أسلم في رمضان سنة عشر، ويقويه ما للمصنف في باب حجة الوداع التصريح بأنه عليه الصلاة والسلام قال لجرير، كذا في "الفتح" (٢).

[(٤٤ - باب ما يستحب للعالم. . .) إلخ]

قال السندي (٣): قيل: الظرف أعني "إذا سئل: متعلق بما بعده وليس بسديد، إذ يلزم أن الباب موضوع لبيان ما يستحب للعالم مطلقًا، وليس كذلك، كيف ولو كان كذلك لكان اللازم أن جميع ما يستحب للعالم هو أن يكل العلم إلى الله إذا سئل: أيُّ الناس أعلم؟ وهذا فاسد، وإنما هو موضوع لبيان ما يستحب له حين السؤال، فالوجه أن الظرف متعلق بيستحب، وأما قوله: "فيكل" جزاء شرط محذوف حذف صونًا للكلام عن صورة التكرار مع ظهور القرينة، وهذا شائع كثير، ومثل هذه الفاء تسمى فاء فصيحة، والتقدير: إذا سئل أيُّ الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله، بمعنى: فليكل من وضع الخبر موضع الإنشاء، والجملة الشرطية لبيان ما يستحب له حين السؤال، انتهى.


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٧٢).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٢١٧).
(٣) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>