للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وقال بعض الناس: لا يجوز. . .) إلخ، وأجاب العلَّامة العيني (١) عن الحنفية، وأورد عليه العلَّامة السندي (٢) وبسط الكلام عليه، فارجع إليه لو شئت.

وأيضًا قال العيني: العجب من البخاري أنه خصص الحنفية بالتشنيع عليهم وهم ما هم منفردون فيما ذهبوا إليه، لكن ليس هذا إلا بسبب أمر سبق فيما بينهم، انتهى.

(٩ - باب تأويل قوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. . .} إلخ [النساء: ١١])

أي: بيان المراد بتقديم الوصية في الذكر على الدين مع أن الدين هو المقدم في الأداء، وبهذا يظهر السر في تكرار هذه الترجمة.

قوله: (ويذكر. . .) إلخ، هذا طرف من حديث أخرجه أحمد والترمذي (٣) وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي - رضي الله عنه - قال: "قضى محمد - صلى الله عليه وسلم - أن الدين قبل الوصية، وأنتم تقرؤون الوصية قبل الدين" وهو إسناد ضعيف، لكن قال الترمذي: إن العمل عليه عند أهل العلم، وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه، وإلا فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به، وقد أورد في الباب ما يعضده أيضًا، ولم يختلف العلماء في أن الدين يقدم على الوصية إلا في صورة واحدة، وهي ما لو أوصى لشخص بألف مثلًا وصدقه الوارث وحكم به ثم ادعى آخر أن له في ذمة الميت دينًا يستغرق موجوده وصدقه الوارث، ففي وجه للشافعية تقدم الوصية على الدين في هذه الصورة الخاصة، ثم قال: وإنما قدمت الوصية بمعنى اقتضى الاهتمام لتقديمها واختلف في تعيين ذلك


(١) "عمدة القاري" (١٠/ ٢٤).
(٢) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (٢/ ١٢٦).
(٣) "المسند" (١/ ٧٩)، "سنن الترمذي" (ح: ٢١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>