للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٣ - باب العاقلة)]

بكسر القاف جمع عاقل، وهو دافع الدية، وسميت الدية عقلًا تسميةً بالمصدر؛ لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل، ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية ولو لم تكن إبلًا، وعاقلة الرجل قراباته من قبل الأب وهم عصبة، وتحمل العاقلة الدية ثابت بالسُّنَّة، وأجمع أهل العلم على ذلك، وهو مخالف لظاهر قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، لكنه خصّ من عمومها ذلك لما فيه من المصلحة؛ لأن القاتل لو أخذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله؛ لأن تتابع الخطأ منه لا يؤمن، ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول، انتهى من "الفتح" (١).

وفي "الفيض" (٢): العاقلة هم الذين يغرّمون الدية، وهم العصبات، وسمّاهم الفقهاء بكتاب المعاقل، والقياس فيه أن يكون كتاب العواقل، فإن المعاقل هي الديات، والمذكور في هذا الباب مسائل من تؤخذ منهم الدية، انتهى.

وبسط الكلام على العاقلة في "الأوجز" (٣)، ومنه في هامش "اللامع" (٤)، ففيه قال الموفق (٥): لا خلاف بين أهل العلم في أن العاقلة العصبات، وأن غيرهم من الإخوة من الأم وسائر ذوي الأرحام والزوج، وكل من عدا العصبات ليسوا هم من العاقلة، واختلف في الآباء والبنين هل هم من العاقلة أو لا؟ وعن أحمد في ذلك روايتان، أحدهما: كل العصبة من العاقلة، يدخل فيه آباء القاتل وأبناؤه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، والقول الثاني: ليس آباؤه وأبناؤه من العاقلة، وهو قول الشافعي، قلت: وهذا كله إذا لم يكن الرجل من أهل الديوان، وإن كان من أهل الديوان


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٢٤٦).
(٢) "فيض الباري" (٦/ ٣٩٥).
(٣) "أوجز المسالك" (١٤/ ٥٩٤).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ١٨٤، ١٨٥).
(٥) "المغني" (١٢/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>