للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ قُدِّس سرُّه هلك الخمسون الذين دخلوا الغار، وحلفوا كاذبين، وهلك أخو المقتول لكتمانه؛ ولذا تأخّر موته من الخمسين؛ لأن جريمته كانت غير جريمتهم، فتدبّر وتشكر، ويظهر من كلام صاحب "الفيض" (١) أن رأيه موافق في شرح هذا المقام لرأي الشيخ قُدِّس سرُّه.

[(٢٢ - باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية له)]

قال الحافظ (٢): كذا جزم بنفي الدية، وليس في خبره الذي ساقه تصريح بذلك، لكنّه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه على عادته.

قال القسطلاني (٣): واستدل بحديث الباب على جواز رمي من يتجسس، فلو لم يندفع بالشيء الخفيف جاز بالثقيل، وأنه إن أصيبت نفسه أو بعضه فهو هدر، وقال المالكية بالقصاص، وأنه لا يجوز قصد العين ولا غيرها، واعتلوا بأن المعصية لا تدفع بالمعصية، وهل يشترط الإنذار قبل الرمي؟ الأصح عند الشافعية لا، انتهى مختصرًا.

وفي هامش "اللامع" (٤): اختلفت نقلة المذاهب في بيان مسالك الأئمة، والتحقيق أنه هدر في أصح قولي الشافعي، وهو مذهب أحمد كما صرّح به في "الروض المربع"، وكذا في "زاد المعاد" لابن القيم، وأما عند الإمام مالك فقد حكى شرَّاح الحديث مذهبه القود مطلقًا، لكن الصواب في مسلكه ما قال الدردير المالكي: إن فيه القصاص في صورة العمد، والدية في الخطأ، وأما عندنا الحنفية فإن لم يمكن دفعه إلا بالفقأ فهو هدر، وإلا فالدية لا القصاص، فإن الحدود تندرئ بالشبهات، والحديث عندنا محمول على التغليظ والتشديد، صرّح به ابن عابدين وغيره، انتهى من هامش "اللامع"، والتفصيل فيه.


(١) "فيض الباري" (٦/ ٣٩٣).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٢٤٣).
(٣) "إرشاد الساري" (١٤/ ٣٧٢).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>