للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العيني (١): مذهب الحكم أن الكفيل بالنفس يضمن الحق الذي على المطلوب، وهو أحد قولي الشافعي، وقال مالك والليث: إذا تكفل بنفسه وعليه مال فإنه إن لم يأت به غرم المال، ويرجع به إلى المطلوب، فإن اشترط ضمان نفسه أو وجهه وقال: لا أضمن المال فلا شيء عليه من المال، انتهى.

وفي "الدر المختار" (٢): و"يبرأ" الكفيل بالنفس "بموت المكفول به ولو عبدًا"، أراد به دفع توهم أن العبد مال، فإذا تعذر تسليمه لزمه قيمته، "وبموت الكفيل" وقيل: يطالب وارثه بإحضاره، انتهى.

وفي "الكنز" (٣): "وتبطل" أي: الكفالة بالنفس "بموت المطلوب" وهو المكفول بنفسه؛ لأنه برئ بموته، وبراءته براءة الكفيل، وعند مالك وبعض الشافعية يلزمه ما عليه، وكذا تبطل بموت الكفيل للعجز؛ لأن التسليم لا يتحقق بخلاف الكفيل بالمال إذا مات؛ لأن حكمه بعد موته ممكن فيوفى من ماله، ثم ترجع الورثة على المكفول له، إن كانت الكفالة بأمره وإلا فلا، انتهى بزيادة من "شرح العيني" (٤).

(٢ - باب قول الله - عز وجل -: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}. . .) إلخ [النساء: ٣٣]

أورد فيه حديث ابن عباس الآتي في سورة النساء بسنده ومتنه، وسيأتي الكلام عليه هناك، والمقصود منه هنا الإشارة إلى أن الكفالة التزام مال بغير عوض تطوعًا، فيلزم كما لزم استحقاق الميراث بالحلف الذي عقد على وجه التطوع، وروى أبو داود عن عكرمة في هذه الآية: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب، فيرث أحدهما الآخر، فنسخ ذلك قوله


(١) "عمدة القاري" (٨/ ٦٥٤ - ٦٦٥).
(٢) "الدر المختار" (٢/ ٦٠).
(٣) انظر: "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (٦/ ٢٣٠).
(٤) "البناية" (٧/ ٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>