للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدال - السير أوَّل الليل، ومن الإدِّلاج - بالدال المكسورة المشددة - سير آخر الليل.

وأما الرواية فهو بضم الدال، وهو مثل قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: ١١٤] كأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب مسافرًا يقطع طريقه إلى مقصده، فنبَّهه على أوقات نشاطه؛ لأن هذه الأوقات أفضل أوقات المسافر، بل على الحقيقة: الدنيا دار نقلة وطريق إلى الآخرة، فنبَّه أمته أن يغتنموا أوقات فرصتهم وفراغهم، إلى آخر ما بسط فيه.

وفي "فيض الباري" (١): وكان مولانا قطب العالم الشيخ الكَنكَوهي - رحمه الله - يؤوِّله بالذكر في الغدوة والروحة وشيء من الدلجة، وإن ورد الحديث في الجهاد، انتهى.

[(٣٠ - باب الصلاة من الإيمان)]

لما ذكر في الحديث السابق الاستعانة بالأوقات الثلاثة في إقامة الطاعات، والصلاة أفضل العبادات، نبَّه بذلك على الصلوات الخمس، فإن الفجر: الغدوة، والظهرين: الروحة، والعشائين: شيء من الدلجة، كذا في العيني (٢) مختصرًا.

قوله: ({وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}. . .) إلخ، [البقرة: ١٤٣]، قال الشيخ الكَنكَوهي قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣): أيَّد به الترجمة لما فيه من إطلاق الإيمان على الصلاة إطلاق الكل على جزئه، ففيه دخول الصلاة وهي من الأعمال في الإيمان مع أن مراتب المصلين بحسب تفاوت صلواتهم في الحسن والقَبول متفاوتة، فيتطرق بذلك تفاوت في مراتب الإيمان، ولعل غرضهم - رضي الله تعالى عنهم - ليس هو السؤال عن نفس الأجر، بل المسألة إنما وقعت لأنهم لمَّا علموا أن الناسخ خير من المنسوخ


(١) "فيض الباري" (١/ ١٣١).
(٢) انظر: "عمدة القاري" (١/ ٣٥٤).
(٣) "لامع الدراري" (١/ ٥٨١ - ٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>