للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوجيه الثاني، ولا يبعد عندي أن الإمام البخاري ذكر "باب الخشوع" متصلًا بأبواب الرفع المذكورة تنبيهًا وإشارة إلى مسلك من اختار عدم الرفع في المواضع المذكورة، لكونه أقرب إلى السكون وهو الخشوع، وأما حكم الخشوع فقال الحافظ (١): قد حكى النووي الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب، ولا يرد عليه قول القاضي حسين: إن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق، أو المراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع".

[(٨٩ - باب ما يقرأ بعد التكبير)]

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): أورد فيه روايتين، الأولى: بيان ما يبدأ فيها جهرًا، والثانية: ما فيها المبدوء به سرًّا، وهو الدعاء، انتهى.

وفي هامشه: اختلفوا في غرض المصنف، وعامة الشرَّاح على أن الغرض بيان الدعاء في الاستفتاح، وقال شيخ الهند قُدِّس سرُّه في "تراجمه": إن المؤلف مرة يصرح بالترجمة لكن غرضه لا يكون ظاهر العبارة، بل ما يثبت بالالتزام أو بالإشارة جليًّا كان أو خفيًّا، يظهر مقصوده بعد التأمل في أحاديث الباب، ومن لم يتأمل وقنع على الظاهر يقع في التكلف والتخبط.

ثم قال بعد ذكر بعض أمثلته: وهكذا قال: "باب ما يقول بعد التكبير"، وأدخل فيه حديث الكسوف أيضًا فأشكل التوفيق فتكفوا، والوجه عندنا أن بعد التأمل في أحاديث الباب يفهم أن غرض المؤلف من هذا الباب إثبات التوسع في دعاء الافتتاح، وتركه رأسًا، وعدم تعيين الدعاء المخصوص لزومًا، وأن الدعاء ثابت بعد التكبير متصلًا ومنفصلًا، وحينئذ


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٢٦).
(٢) "لامع الدراري" (٣/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>