للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوجه عندي: أن المصنف أشار بذكر هذا الباب تلو الباب السابق أن المأمور به لا يكفي فيه البدل من عند نفسه نظرًا إلى المعنى، فإنه كما لا يمكن أن يكون مسح القدمين بدلًا عن غسلهما، كذلك لا ينبغي أن يكون دلك الأنف بثوب أو أصبع وغير ذلك بدلًا عن الاستنشاق والاستنثار نظرًا إلى معنى النظافة.

والنظر الدقيق ينادي بصوت جهوري أن المصنف نظر في ترتيب أبواب الوضوء كلها إشارات لطيفة جديرة لجودة طبعه ودقة نظره، ولا شك أنها أحلى لنا وأشهى من قبلة العذارى، وهذا كله في ذكره هذا الباب ههنا، وأما غرض الترجمة فأمران ظاهران: أحدهما: الرد على الشيعة القائلين بجواز مسح القدم، والثاني: شرح الحديث الوارد فيه بلفظ: "ونمسح على أرجلنا"، وكذا الرد على ما في حديث أوس عند أبي داود (١) وغيره من لفظ: "فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه"، كذا في هامش "اللامع".

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢) بعد قوله: "ولا يمسح على القدمين": لأن المسح لو كان جائزًا لما ورد عليه الوعيد بالنار؛ لأنه ليس في شيء من المسح شرط الاستيعاب، فعلم أن الغسل هو الفرض، انتهى.

[(٢٨ - باب المضمضة. . .) إلخ]

أخَّرَها عن الاستنثار وإن كانت هي متقدمة في الفعل؛ لأنه لما كان الاستنثار مؤكدًا حتى قال جمع بوجوبه لورود الأمر به قدَّمه على المضمضة؛ ولا يبعد أيضًا أن يقال: إن المصنف أشار بذكر الأجنبي بين المضمضة والاستنشاق إلى ترجيح الفصل بينهما؛ لا يقال: هذا مخالف لما سيأتي من "باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة" من الوصل بينهما بغرفة؛ لأنه ترجم هناك بباب من فعل كذا وكذا، وهذا صنيع عدم الجزم به كما في الأصل الثالث.


(١) انظر: "سنن أبي داود" (ح: ١٦٠).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>