للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل: أن الإباحة والحرمة قد تكونان مبنيتين على علتين متغايرتين مع وجودهما في شيء واحد، فيجوز الحكم بالحرمة أو الإباحة عينًا، نظرًا إلى تلك العلة المبنية عليها إحداهما، [وأما العلة الأخرى] فإنها تثبت فيه خلاف ما أثبته تلك العلة، وعلى هذا فقد تطرق في حكم شعر الإنسان احتمالان: إباحة الانتفاع بأجزائه نظرًا إلى الطهارة، وحرمته لما فيه من إهانته، وقد أمرنا بإكرامه، وقد ثبت أن الترجيح فيما اجتمع فيه المحرم والمبيح للمحرم، فيكون الحكم في الشعر هو الحرمة، وعلى هذا يحمل قول عطاء فافهم، انتهى.

وبسط في هامشه اختلاف العلماء في جواز الانتفاع بالشعور.

وفي "تراجم (١) شيخ المشايخ": مذهب المؤلف في هذه المسألة مثل مذهب أبي حنيفة من أن شعر الآدمي طاهر، والماء الذي يغسل فيه أيضًا طاهر خلافًا للشافعي، وأثبت بحديثي الباب ذلك بالدلالة الالتزامية، وقول عطاء أيضًا يفيده، انتهى.

قال الحافظ (٢): وجه الدلالة من الحديث على الترجمة أن الشعر طاهر، وإلا لما حفظوه ولا تمنى عبيدة أن يكون عنده شعرة واحدة منه، انتهى.

قوله: (وسؤر الكلاب) عطف على الماء، أي: وباب سؤر الكلاب، كذا في "الفتح"، وفي "التراجم" مذهب البخاري في ذلك موافق لمذهب مالك من أن سؤرها طاهر، وأمر الغسل سبعًا تعبدي، انتهى.

[(باب إذا شرب الكلب. . .) إلخ]

ليس هذا في نسخة الحافظ، والروايات الآتية داخلة في الترجمة السابقة فلا يشكل أن المصنف ذكر في الترجمة السابقة سؤر الكلاب، ولم


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٧٨).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>