للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٨ - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل مما لم ينزل عليه الوحي. . .) إلخ]

قال الحافظ (١): أي: كان له إذا سئل عن الشيء الذي لم يوح إليه، فيه حالان: إما أن يقول: لا أدري، وإما أن يسكت حتى يأتيه بيان ذلك بالوحي، ولم يذكر لقوله: "لا أدري" دليلًا فإن كلًّا من الحديثين المعلق والموصول من أمثلة الشق الثاني، وأجاب بعض المتأخرين بأنه استغنى بعدم جوابه به، والذي يظهر أنه أشار بالترجمة إلى ما ورد في ذلك، ولكنه لم يثبت عنده منه شيء على شرطه، وإن كان يصلح للحجة كعادته في أمثال ذلك، وقد وردت فيه عدة أحاديث، منها حديث ابن عمر: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي البقاع خير؟ قال: لا أدري، فأتاه جبرئيل فسأله فقال: لا أدري؟ فقال: سل ربك فانتفض جبرئيل انتفاضة" الحديث، أخرجه ابن حبان، وأما حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا"؟ وهو عند الدارقطني والحاكم، فقد تقدم في شرح حديث عبادة من "كتاب العلم" الكلام عليه، انتهى مختصرًا.

قلت: ومثله ما أخرجه الإمام أبو داود (٢) في "باب التخيير بين الأنبياء - عليهم السلام -" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أدري أتُبّعٌ لَعِينٌ هو أم لا؟ وما أدري أعزير نبي هو أم لا"؟ قال الشيخ في "البذل" (٣): وهذا قبل أن يوحى إليه في أمره، ثم أعلمه الله بعد ذلك أنه أسلم، فقد روى أحمد (٤) من حديث سهل الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبوا تبعًا فإنه قد أسلم"، وقوله: "أعزير نبي هو أم لا؟ " لعله أعلم بعد ذلك أنه نبي، انتهى من "البذل".

وفي هامش "اللامع" (٥) بعد ذكر أقاويل الشرَّاح في غرض الترجمة:


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٢٩٠).
(٢) "سنن أبي داود" (٤٦٧٤).
(٣) "بذل المجهود" (١٣/ ٨٤، ٨٥).
(٤) "مسند أحمد" (٥/ ٣٤٠).
(٥) "لامع الدراري" (١٠/ ٢٨٦ - ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>